بين الصنمية والموضة
النقد اليوم مسألة حساسة جدا. فلكل معايير للنقد تختلف وتتباين بحسب ما يراه مناسبا وملائما لطبيعة أفكاره ومعتقداته التي يتبناها، كما أن أغراض النقد وأسبابه تتبع نفس النمط الفكري للفرد الذي هو بالدرجة الأولى يتأثر من قريب أو بعيد بالبيئة التي تحيط فيه.
النقد مثل كثير من الأدوات في حياتنا: سلاح ذو حدين، فهو قد يستخدم للتطوير والإصلاح وسد الثغرات، وقد يكون في المقابل أداة للتسفيه والحط من قيمة العمل والتثبيط والتحبيط.
إننا نعيش في هذه اللحظة بين حالتي الإفراط والتفريط في النقد، بين التسليم المطلق والشك المطلق..
علينا أن نعرف: متى يجب أن نسلّم؟؟ متى يجب أن نشكك؟؟ علينا أن نكتشف الأسس التي نتوصل من خلالها إلى فكر طليق، فكر يسلط الضوء على مضمون الفكرة قبل مصدرها. ولكن كيف يمكننا أن نصل إلى ذلك إذا كنا نهشم صنما لنصنع صنما آخر؟؟!
مضحك أن نجعل من يرشدنا ويحثنا على نبذ الصنمية صنما نسلّم بكل ما يعرضه علينا!
إننا نقع دوما في شباك الصنمية دون أن نعرف ذلك؛ لأننا اعتدنا أن توكيل أحدهم للتقرير والتفكير بالنيابة عنا، ولا يقتصر هذا الأمر على جانب معين بل هو شبه شامل لكل الجوانب ولكنه يبرز في أفكارنا حول طبيعة الحياة الإجتماعية وأفكارنا الدينية.
نقول: يتجلى التفريط هنا في السكوت والمشي مع القطيع، غياب القناعة، والانسياق وراء الرأي العام. مثلا عندما تنتقد «فلان» يأتيك أحد المصابين بداء الصنمية فيقول: «ماذا قدمت مقارنة بـ «فلان» حتى تنتقده لأنه قال أو فعل كذا؟؟» «من أنت حتى تنتقد «فلان»؟؟» والعجب ممن يقول مثل هذه الكلمات!! لماذا يقرن النقد بأن أفعل شيئا مشابها لما أتى به «فلان» حتى أكون مخولا بأن انتقده؟؟! أذلك لأن «فلان» عليه هالة قدسية؟؟ أم ربما له من العصمة نصيب؟؟!
نجد في المقابل الأمثلة التي تغرد خارج السرب دائما، الأمثلة التي تنتقد وتتدخل في أشياء تحتاج إلى تخصص وتعمق لمواكبة «الموضة» الرائجة في هذه الأيام، وهذا المسار واضح المعالم..
عبارة عن ضجة لخطف الأضواء الاجتماعية فقط لا غير،، ودائما هو باسم «الحقيقة»، وباسم «التنوير»، أو ربما باسم «الانسان» كي يلامس المشاعر أكثر وأكثر! وربما هذا عبارة عن ردة فعل على ضغوط سابقة؟؟ الله أعلم.. ولكن ماهي الفائدة المرجوة من هكذا نماذج شغلها الشاغل التسفيه؟؟ هل هذا هو المسار الصحيح للإصلاح والتجديد كما يدعون؟؟؟