معرض تدوير الكتاب نقد وتقويم
#معرض_تدوير_الكتاب، نقد وتقويم.
انتهت لجنة عطاء من معرضها الثاني لتدوير الكتاب، الذي أُقيم تحت عنوان «ضع كتابًا قرأته وخذ كتابًا آخر»، والذي استضافه مركز آفاق للدراسات والبحوث بسيهات، حيث يهدف البرنامج للمساهمة في تفعيل القراءة والترويج للكتاب.
ما يهمنا هنا هو التركيز على نواقص البرنامج، أي «النظر في الجزء الفارغ من الكأس»، وبالطبع ليس للتشاؤم، ولكن لمحاولة ملئِه قدرَ الإمكان.
أكبر المشاكل التي واجهت الجهة المشرفة؛ هي استقبال الكتب الميؤوس من أن يأخذها أحد، فمع أن اللجنة وضعت شروطًا لمقبولية الكتاب ككونه في حالة جيدة وأن لا يكون كتابًا للتوزيع ولا يكون كتابًا تخصصيًا بحتًا وتحديد العدد بأربعة كتب للفرد كحد أقصى، ولكن مع ذلك كانت هنالك كتب مواضيعها غير مهمة وغير جذابة أي «ما ليها داعي» وباختصار؛ غير مرغوبة، فمثلًا كان الركود واضحًا في طاولة تاريخ وسير الشخصيات.
اقترح البعض أن يكون لجهة استقبال الكتب صلاحية رفض هكذا كتب، إلا أن ضبابية هذا العنوان «غير المرغوبة»، تُدخِل المزاج والثقافة الشخصية للمشرف في تشخيص المصاديق، وبالتالي تجعله معيارًا أعرجًا، نسبيًا، فلقد رأيتُ - مثلًا - عدم استحسان أحد الإخوة لكتاب حول الطب النبوي، وعدم استحسان آخر لكتاب حول قوة العقل الباطن، في حين أن هذه الكتب حظيت بقُرّاء لها، هكذا فإن هذا المعيار يحتاج لضبط وتقنين وإلا حدثت فوضى «غير خلّاقة»؛ فيُقدم «الخربوطُ» وهو مُؤخرٌ ويُؤَخرُ «المزبوطُ» وهو مُقدمُ.
إن مشكلة وجود كتب غير مرغوبة، هي وليدة تصور بعض الزوار بأن المعرض معرضٌ للتخلص من الكتاب. أي لاستبدال الكتب السيئة بأخرى أفضل منها، وهذا تصور لا يتناسب وطريقة عمل المعرض، فإن الكتب التي يأخذها الزوار، يجلبها زوار آخرون، فلو جلب كل شخص كُتبًا غير قيّمة وغير مرغوبة فلن يجد أحدٌ غير الكتب المملة أو التافهة أو المنفرة التي لا تحقق هدف المعرض، بل ربما تحقق ضده.
نعم، لن يَستبدِل أحدٌ كتبًا قيّمة بأخرى رديئة، وليس هذا هو هدف المعرض، بل المطلوب هو تبادل الفائدة، وتدوير تلك التي تسكن الرفوف، فالكثير من الكتب لا يُتوقع من الفرد إعادة قراءتها، كالكثير من الروايات والقصص والأشعار وكتب الثقافة الدينية أو السياسية أو الاجتماعية وكتب تطوير الذات.
وصحيح أن الاحتفاظ بالكتاب أفضل من رميه، ولكن الزائر إذا استبدل الكتاب؛ فإنه سيأخذ مكانه كتابًا آخر لم يقرأه، أي أن المقارنة هنا هي ليست بين كتاب - لا كتاب، بل بين كتاب جيد مقروء - كتاب جيد غير مقروء، وواضحٌ أن الكتاب الجديد الذي لم تقرأْهُ بعدُ، أفضل من كتاب قرأته ولكنك تَحتمِل أن ترجع إليه في المستقبل - هذا في حال كون الكتاب الجديد في مستوى قريب من الكتاب المُستَبدَل -، وقد التزم بهذه الآلية عدد لا بأس به من الزوار ولكن النسبة الأكبر لم تفعل هذا للأسف.
من هنا فعلى اللجنة المُشرفة إعادة النظر في شروط القبول وتحديدها أكثر، كما أن على الزوار أن يتحملوا رفض كتبهم الرديئة فإن المجاملة هنا ستكون على حساب زوار آخرين وبالتالي فلن تكون أمرًا مُحببًا ومقبولًا، وعلى الزوار أيضًا فهم ومُراعاة آلية المعرض وبالتالي جلب كتب مرغوبة وقابلة للقراءة وجذابة للزوار الإخوة الآخرين، لينفعوا وينتفعوا.