حديث خاص لـ «حواءَ الخير»
لم يكن محلك فوق الرف، لم تكوني مهملة يعلوك الغبار، أنت التي خاطبك الجليل من فوق سابع سماء، أنت التي خصك الكريم بحديثه وتعاليمه، لن تجدي في القرآن سورة تسمى: الرجال، بينما ستجدين سورة كاملة طويلة باسم: «النساء» و«مريم» وسورة نزلت في حق واحدة من بنات جنسك نعتت بـ «المُجَادِلة».
«الموؤدة» التي هي بنت صغيرة مورس الظلم في حقها يدافع عنها الرحمن ويشدد: «بأي ذنب قتلت؟!»، وقوائم الدفاع تطول في عملية الحصر، فهل تنفذ فيك سهام المغرض أن القرآن عزل المرأة أو بخس حقها؟
فإن قيل: «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ»، فإن الإسلام بوأك مقام الجنة التي تركع تحت أقدامكِ، وحق الأمهات في الشريعة أضعاف حقوق الآباء.
يا حواء الإسلام، إن الله العظيم يحدثكِ من فوق عرشه - ولك كل الفخر - فهذا الكبير المتعال يخصص لكِ في كتابه المبارك حيزاً من نور، فهلا قرأتي تلك السورة التي سيجت بالأنوار؟!
حواء الخير، هل ستمتثلين لعهدكِ مع الخالق؟! أم أن اتباع خطوات الزيغ تحاول الايقاع بكِ في بئر الجحيم، الأنوثة أمانة تشفق السماوات والأرض والجبال من حملها، ولكنكِ قبلتي هذه الأمانة، وبقي عليكِ الامتثال..
جاء في سورة النور: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ»، هذه العيون التي نملكها ونتحكم في جفونها تسرح وتمرح، دون رقيب أو حسيب!!، عهد الله علينا أن نغض الابصار عما حرم، ولكننا نمد البصر، نمد العينين نحو المنهي عنه، فهل سنفيق؟!
«الفرج» يأمرنا الله بحفظه، وإغلاق كل الطرق والسبل المشبوهة التي تسهل نيله بطريق معوج، لهذا تحذرنا سورة النور من الخيط الأول الذي تتساهل فيه حواء وهو ابداء الزينة، هي تعشق الجمال والزينة، بل هي الزينة والزينة هي، فهل ستعرض نفسها لتفتح طريق السعير، لنسمع للحديث الإلهي ما يقول: «وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»..
تتساهل حواء أحيانا - إن لم نقل تتعمد - في كشف اجزاء من جمالها وفتنتها، لترضي حالة خاصة في نفسها وهو ما لا يريده الرب الكريم، الانصياع طريق الجنان، فعلى حواء البركة أن تسيطر على هذه النزوات القصيرة الخاسرة بما يريد الخالق: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ»، العفة والاحصان وتستر وضرب الخُمُر لحجب المفاتن هو ما يريده الله، فهل ستطيع حواء أمر الخالق أم ستقدم طاعة الشيطان على طاعة الرحمن؟!
حواء اليوم شغوفة بالتزيين والتزين، عيونها أناملها خصلات شعرها سائر بدنها وكل ما ترتديه يطفح بالزينة، معركة حواء المصيرية هي اخفاء هذه الزينة التي كثيراً ما تتغلب عليها، ولهذا يعاود الذكر مرّة أخرى في عدم ابدأها إلا للمحارم: «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...».
لن تنتهي معركة الزينة، فالزينة هي المسيطرة على حواء وعالمها المفتون، لا يمر يوم إلا وهي تغرق أو تفكر فيها، ولهذا يحذر الذكر من كل الطرق الموصلة للكشف عنها بطرق الملتوية، حتى ولو كان الكشف يقتصر على اظهار صوت «الخلخلة» والجرس الموسيقي الذي تظهره الزينة الملبوسة، لهذا جاء النهي عن قرع الأرض بالأقدام حتى لا يظهر هذا الصوت الفاتن: «وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ».
كثيراً ما يتحدث الشباب أنهم يرغبون في التوبة من كل محرم، ولكن البعض يصرح ويقول: كيف لنا أن نتوب واغواء حواء ينهمر علينا من كل صوب؟!، يقول الشباب بكل ألم وحرة: حواء لا تتوقف عن الاغواء، فالحياة لا تنتهي من قصتها وإغوائها، الله يضع العلاج الحقيقي وهو التوبة لكل الفتيات ولكل الشبان، لكل المؤمنات ولكل المؤمنين، فمن أراد طريق الفلاح وجد بوابته «التوبة»: «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».