ازمة وعي لا ازمة تدين
من المعلوم ان الدين وإن تعدد او اختلف هو عبارة عن مجموعة من القيم والعقائد والمفاهيم السلوكية والمعرفية التي تحدد حركة الانسان في المجتمع وتقيّم تصرفاته مع الناس، وتعطيه الحرية التي لا تتجاوز حقوق الآخرين، ويعتبر الدين المدرسة الأولى للتربية والتعليم لكل الأمم على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم.
ومن اكبر المشاكل التي تعاني منها الأمم والشعوب هو التدين القشري الذي يأخذ من الدين والعقيدة القشور الظاهرية دون التعمق في المبادئ الصحيحة والأهداف الحقيقة لذلك الدين، كما يقول الرسول محمد : «الدين المعاملة » ويقول «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» وفيما يتعلق بالمعاملات التجارية يقول : « من غشنا فليس منا » «وكما يقال ان هذا الدين عميق فأوغلوا فيه برفق».
وكانت أولى مبادئ الدين تصب في المعاملة بين الناس لما لها من الأثر الكبير في جذب الآخرين ودعوتهم للدين بشكل عملي لا يقبل التأويل، ومن الأمور التي تصيب الانسان بالغثيان عندما ترى البعض ممن يدعي التدين ويأخذ من الدين المظهر فتراه يقصر الثياب ويطيل اللحى ويرتهن السبحة في يده اينما ذهب، بينما في الواقع هو ابعد الناس عن تلك القيم والمبادىء التي ينادي بها ويحث الناس عليها فتراه يمارس ابشع انوع الغش وسوء الخلق والظلم والكذب والغيبة والنميمة، ويعتقد انه هو من يملك الحق بالحديث عن الاسلام والباقي ليس لهم الحق
وتتوضح المشكلة فيمن يأخذ الدين ليتربح به على الله والناس، يقول الله عنهم: «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
والأمر الآخر هو انصاف المتعلمين وهم من يأخذون من الدين الجزء اليسير ثم يبحرون في محيط الاجتهاد دون ان تكون لهم القابلية والأهلية والخلفية الثقافية والفكرية لممارسة الاجتهاد فتتيه سفنهم وتضل مراكبهم ومن ثم تغرق في بحر الظلمات والجهل والعنف والتكفير حتى تصل بهم الى شاطئ الفتنه والجريمة وباسم الدين وباسم الرسول يتم فعل كل تلك الموبقات.
وانصاف المتدينين ليسوا بأقل خطراً من اولئك فالدين يفترض ان يكون وحدة قيم متكاملة لا ينبغي ان تنفصل واحدة عن الأخرى حتى لا نكون كمن يقول الله عنهم: « أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ »
والمشكلة الأكبر اننا نريد ان نعمق مظاهر التدين في نفوس الناشئة دون المراعاة الى تعميق الوعي فحديث تدريه خير من الف حديث ترويه، فلاقيمة لمائة الف حديث تحدفظه ولكنك لا تطبق أي واحد منها في التعامل مع الناس.