في الكهف ذئب!!
ينصرف الذهن تلقائيا عند ذكر اسم «الكهف» على أنه مكان يحتوى الأمن والأمان ويعتبر الملاذ الأخير للإنسان، فعندما تشتد العواصف وتتأزم الأمور لا يرى المرء له مأوى سوى «الكهف» ففي الدعاء « يَا كَهْفِي حِينَ تُعَيِّينِي الْمَذَاهِبُ »، «يا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند » « ويقول الله عز وجل عن قصة أصحاب الكهف: » فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا "
وتكون الصدمة حين يتحول الكهف من مكان الأمن المنشود الى مأوى الوحوش والأفاعي والذئاب فعندها تضيع السبل وينكسر الظهر، هو رجل الدين المخادع، والذي تلتجئ اليه الأرملة والمطلقة وترى فيه محطة الأمان والخلاص من الهم والجوع والفقر حيث تنخدع بلباس الدين والتقوى المصطنع وهو في واقعه أمّر من الوحش الكاسر الذي يحاول ابتزازها واقتناص شهوة حيوانية منها، وهو موظف الحالات الانسانية في بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية التي تعني بشؤون الفقراء والأرامل واليتامى والمطلقات فيكون الموظف هو من يحاول ابتزاز الناس.
وكذلك المعلم حين يؤمن على أولادنا وفلذات اكبادنا فيكون حاله حال المسعور الذي لا يوفر حرمة إلا وانتهكها مع اطفالنا الصغار، وسائق الباص الذي يأخذ بناتنا الى مدارسهم ويؤتمن على أغلى جواهرنا وأعز ما نملك في هذه الدنيا، وإذا به يكون حية تلدغ حيث يؤتمن جانبها.
وهو القاضي الذي نراه عماد الحق والعدل بين الناس فعندما يكون هو من يكذب ويغش ويزور ويقلب الحق باطل والباطل حق بسبب الطمع والجشع، عندها يتحول الكهف الى فوهة بركان تقذف الحمم على من يقترب منها، وهو كل صاحب نفوذ يرتجىء منه ان يكون مع المظلوم وان يقف بجانبه واذا به يتحول الى ظالم بسبب المصالح.
فنحن نتعاطى مع جميع الناس بمقياس الحب والثقة، ولكن يجب ان تكون الثقة معهم مراقبة وتحت العين ولو من بعيد، فالناس ليسوا ملائكة ولديهم اهواء وشهوات ونزوات حيوانية تتغلب على البعض فتحوله من انسان الى وحش بصورة بشر، جميل ان يستشعر كلاً منا انه كهف الأمان للناس ولأقرب الناس منه وان يستشعر انه محطة الحب والحنان للجميع!