الفعاليات الحسينية و« حب التملك »
في كل عام تطل عاشوراء الحسين « ع » على أرواحنا المتعطشة للوعي والبكاء. حيث تقام الفعاليات الحسينية على قدم وساق بألوانها المختلفة عبر الطرح الفكري، والعزائي، والفني. إن عاشوراء الحسين « ع » في كل عام تغسل درن أرواحنا، وتعيد تجديد فكرنا، وتلهمنا لغة أخرى من لغاتها.
إنه لمن الغرابة بمكان أن يتسلل « حب التملك » في الأجواء الحسينية من البعض، لتراه متسلطا بكل غباء وأنانية يقرب هذا، ويقصي ذاك. تراه منفتحا عليك من نافذة تبصرها للوهلة الأولى بأنها نافذة بيضاء ناصع لونها، إلا أنها تحمل بين أرواقها شيطانا بصبغة إنسان. « حب التملك » كما يعرفه علماء النفس بأنه داء يصاب به المرء من خلال رغبته في احتواء كل شيء، حتى وإن كان ذلك بإقصاء الآخر وتهميشه.
إن رواد « حب التملك » شريحة تمثل « سرطانا » اجتماعيا في أي عمل باختلاف ألوانه ومشاربه. هنا لابد من وقفة جادة لغربلة هذه الفئة التي تصيب المجتمع بالأمراض التي تجعله مجتمعا هشا مترهل الأعضاء. يا لهكذا مجتمع يسلم زمام رقيه وتطوره إلى من لا يمتلكون ذرة من الإنسانية والمهنية ليرخي خديه على راحتيه.
إن هؤلاء كشفوا عبر « حب التملك » الذي يمارسونه « بلاهتنا » بدرجة امتياز. وأي بلاهة هي بلاهة « حب التملك » التي لم تكتفي بحضورها المقرف في الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والثقافية، لتنحدر إلى الفعاليات الحسينية. إن ظاهرة « حب التملك » لا تنتمي لفكر وعطاء وثقافة عاشوراء الحسبن « ع »، حيث الإنسانية هي ركيزتها، ألم تكن كربلاء الحسين « ع » نموذجا حيا مع مرور كل الأمكنة والأزمنة في الإيثار والتضحية ونكران الذات، والذوبان في القيم الإنسانية الإسلامية « أين نحن من ذلك »، ألسنا مدعون الفضيلة بلا فضلية.
هي البلاهة التي فضحت خواء فكرنا وأرواحنا. إن التركيز على جمالية الشكل لا تسمن ولا تغني من جوع. لهذا ليكن الحسين « ع » السلام قدوة لنا، نستمد منه كيف يكون الإنسان إنسانا، يفتح قلبه وروحه للجميع، ينفتح على الآخر بكل الحب وكل الانتماء. هكذا يعلمنا الحسين « ع » بأن نكون جسدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، لا أن نفترق كل فئة في جانب.
نعم هناك فعاليات حسينية يقف لها الاحترام احتراما، والتقدير تقديرا، والعطاء ينحني لعطائها افتخارا. هؤلاء هم من يستحقون قبلة عذراء من المجتمع، هم من يمثل المجتمع، هم من يشار لهم، أنتم لغتنا، وفكرنا، وعطائنا، وامتيازنا. وعليه لا يمثلنا رواد « حب التملك » بأي وجهة، أو لون.