لمن تقرع الأجراس في الأحساء؟
في سابقة خطيرة ارتكبت في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء يوم الاثنين 3/11/2014 جريمة نكراء بحق مواطنين أبرياء حين أطلقت النيران على حسينية المصطفى في القرية، مما أدى إلى استشهاد سبعة أشخاص وإصابة تسعة آخرين.
هذه الحادثة لا ينبغي أن تمر بشكل عابر، ولا أن يُكتفى بالقبض على الجناة الفاعلين وإحالتهم للقضاء لنيل العقاب الذي يستحقونه جراء فعلهم الشنيع، وإن كان ذلك هاما ومطلوبا بصورة ملحة في الوقت الراهن. فالحادثة مسبوقة ومصحوبة ومتبوعة بثقافة تحريضية تبث الكراهية وتمارس التمييز من دون كوابح ضد مكون من مكونات الوطن، وهم الشيعة.
وهو أمر لا يحتاج إثباته إلى كثير عناء. فالمناهج الدينية الدراسية تعتبر هذا المكون مبتدعا يمارس الشركيات؛ والصحافة المحلية تنشر مقالات تغمز من الشيعة وتشكك في ولائهم، وتنبزهم باسم الرافضة وتوابعها؛ وقناة وصال وأمثالها لا تدخر وسعا في التحريض على هذا المكون على مدار الساعة؛ وفي المكتبات تباع الكتب ذات العناوين الفاقعة ضد الشيعة، مثل كتاب «إيقاظ الراقدين وتنبيه الغافلين من خطر الرافضة على الاسلام والمسلمين» وغيره؛ ومنابر المساجد لا يفتأ بعضها يدعو على الشيعة بالهلاك؛ بالإضافة لما يمتلئ به الفضاء العنكبوتي من مواقع محلية ومقاطع يوتيوبية ووو؛ وما تحفل به وسائل التواصل الاجتماعي من كتابات لا تتورع عن استخدام أقذع الألفاظ وأبشع التحريض الطائفي المقيت؛ كل ذلك وغيره يشكل ثقافة مناوئة وإقصائية للآخر.
«ثم إن أحكامهم كانت من أحكام المرتدين حتى أنهم لو غلبوا على مدائنهم صارت هي دار الحرب فيحل للمسلمين أموالهم ونساؤهم وأولادهم. وأما رجالهم فواجب قتلهم إلا إذا أسلموا، فحينئذ يكونون أحرارا كسائر أحرار المسلمين».
«من يقرأ التاريخ يعلم بأن التسامح لا يفيد معهم بل لا ينفع معهم سوى القوة... وإذا أعطوا الفرصة وإذا مكنوا، تطاول هؤلاء الرافضة وزاد شرهم وعظم خطرهم.. لذلك أقول ينبغي أن يعامل الرافضة المعاملة التي تليق بهم».
«أن تحاور اليهودي أو النصراني غير أن تخاطب المخالفين لأهل السنة من أصناف المبتدعة كالروافض وأشباههم».
الاقتباسات الثلاثة أعلاه الأول من كتاب إيقاظ الراقدين، والثاني لأحد المشايخ المعروفين، والثالث لوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، منشور في جريدة الجزيرة بتاريخ 10/7/2014، وهي اقتباسات لا تنسجم مع حقوق الإنسان، ومع نصوص الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز التي وقعت عليها المملكة عام 1997، ولا تخدم وحدة الوطن.
وبرغم الدعوات المتكررة والمطالبات المستمرة بضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة لتدعيم السلم الأهلي «بكل المقولات التي تنقض التصورات الطائفية، وبالقوانين التي تُجرّم هذه المقولات وتعاقب عليها» كما يقول الأستاذ محمد علي المحمود في مقاله «صناعة الطائفية والسلام الاجتماعي» فإن ما يحدث على أرض الواقع لا يعكس الاستجابة لذلك.
أخيرا نقتبس من نفس المقال المذكور، المنشور في جريدة الرياض بتاريخ 21/8/2014، ما يختصر الكثير:
تفخيخ العقول بالعقائد التي تُمَهّد للجريمة وتُبررّها؛ يسبق تفخيخ الواقع بالقنابل والمتفجرات. لهذا يتفاخر أولئك الذين ينحرون البشر في العراق وسورية اليوم - ولمجرد الاختلاف الطائفي - بتزايد أعداد القتلى الذين قضوا نحبهم على أيديهم. بإيحاءات عقائدية؛ يصبح الذي يقتل أكثر، وبطريقة أبشع، هو الأقرب إلى الفوز برضا الله.