«المثالية المفرطة» ضرب من ضروب الغباء
كنت فيما مضى كثير المشاغبة.. ولا أزال، لكن بدرجة أقل سلوكي أدى لمشاكل كثيرة مع المعلمين.
وأحيانًا أصر على موقفي ويتأزم الوضع حتى يصل للإدارة.. وأحيانًا أخرى.. أنا من يبادر بالشكوى على المعلم..
لكن ردة الفعل لطالما كانت واحدة.
أنا من يجب عليه الإعتذار من المعلم بغض النظر عن القضية.. صاحب حق كنت أم لا.. تُميع القضية ويغدو الهدف الأسمى حل الخلاف بالطريقة السلمية.. اعتذاري.. المذنب دائمًا وأبدًا.
في التشييع المهيب للشهداء.. يُخيل للمشاهد البعيد أن الشيعة في السعودية وراء الجريمة النكراء لا الآخر المتطرف.. يحاولون إظهار الصورة البيضاء لهم.. كم هم مواطنون وسلميون بالدرجة الأولى.. كم هي مهمة اللحمة الوطنية.
السلام سمتهم الوحيدة.. والأخوة الشيعية - السنية أعلى من كل المقاييس. لا خلاف في كل هذه الشعارات البراقة.
ولكن لم الآن؟ هل أنتم في موضع اتهام؟ تبررون لمن؟
في قضية تعتبر سابقة تاريخية في العقود الأخيرة.
سبعة أشخاص قتلوا أثناء ممارسة شعيرة دينية في استهداف واضح وصريح لعينة من عينات هذا المجتمع.
أليس من الأولى المطالبة بالقضاء العادل لما أدى لهذه المأساة؟
أليس هذا هو الوقت المناسب لإظهار ما تحملون من هموم ومطالب.. أنتم أصحاب حق فلماذا تصرون على الخروج من إطار المظلوم إلى المتهم البريء.. لأول مرة أرى هذا الإلتحام القريب من الحكومة.. وكثير من أطياف الشعب السعودي متعاطفة معكم.. حتى الأصوات النشاز آثرت الصمت.. وتجمع جماهيري بعشرات الألوف قل أن ترى له مثيلًا في أي مكان آخر في السعودية عدا موسم الحج.. جميع العيون الدولية مصوبة نحوكم.. فلمَ لا تنطقون.. صمتّم كثيرًا.. وحين حان الموعد لتخطبوا بالعالم.. نسيتم كيفية الكلام.
نشكر إخوتنا على تعاطفهم وتراحمهم معنا في موقف يشهد على إنسانيتهم.. لكن هذا ليس كل شيء.. يجب القضاء على أهل الفتنة.. على تيار كبير في السعودية ينظر للشيعة باعتبارهم كفار ومواطنين من الدرجة الثالثة.. على كل من ساهم في هذه المصيبة.
لا نطالب بإلغاء المبادرات السلمية، والتشديد على أهمية المواطنة والدولة.. لكن لكل مقام مقال.. فلا تحولوا دم الشهداء من قضية مفصلية إلى محفل وطني!!