دعوة لكِ يا حواء للتمرد
لماذا تغلف المرأة بالكامل من أعلاها إلى أخمصها؟!، هل المقصد من الحجاب والستر هو حجبها عن العالم؟!، هل يريد الدين أن يقيدها ويضيق الخناق عليها؟!، البعض منهن ينسلخن من هذا الحجاب الاجتماعي فور مفارقتهن لحدود المجتمع، فالهوية هي التي تسيطر وقت ما يُرتفع الحصار، وتتوارى اليد الجابرة والمسيطرة على النفوس.
هل فكرنا أن نغرس ثقافة الإسلام الصحيح في فتياتنا؟ أم إننا نتوهم أشياء نظنها ديناً ثم نصدق أن الدين منحصر في تفكيرنا الوهمي؟! الدين الذي رسمناه نحن بمحض إرادتنا ورغبتنا كما نشتهي، لا كما رسمه الله لنا وصدعت به آيات الذكر الحكيم، هناك فرق بين الدين وبين الوهم الذي نظنه ديناً؛ نتيجة لجهل مركب متغلغل في أعماقنا ومسبقاتنا التي تسيطر على تفكيرنا وعقولنا، الحجاب يتبخر حينما تصل الطائرة إلى تلك البلاد التي تخلو من الرقابة والسلطة الاجتماعية.
أين هو الدين الذي غرسناه سنيناً متطاولة؟! هل تلاشى في لحظة؟ أم أننا لم نعرف كيف نزرع القناعة في نفوس الفتيات؟!، هل علمنا الفتاة أن تبدي رأيها أم أن القمع المتسلط هو السائد والمسيطر؟!، نحن ضعفاء ولا نملك الحجة الدامغة للرد على تساؤلات واحتجاجات الفتيات الصغيرات، وإلا فلماذا هذا القمع؟! لماذا هذا التكميم للأفواه؟!
هل يحق للبنت أن تصادق الأولاد على صفحات الفيس بوك؟! إذا كان الجواب بالنفي، هل نملك البرهان الشافي للرد على تساؤلات الفتيان والفتيات؟!، لماذا يضع علماء الدين فواصل اسمنتية كلما تعثروا في الإجابة عن سؤال محير؟! هل علماء الدين سدنة الإسلام؟! لماذا يكتم العلم إذا لم يوافق المصلحة أو يحدث زوبعة لانهاية لها؟!
«رضاعة الكبير» مثال صارخ لتلك الزوبعة التي يفضل البعض عدم الولوج فيها، ولكن الأمر لا ينحصر في محور مفرد، بل قوافل التساؤلات الحائرة لا حد لها، فهل من مجيب؟!
التابو والخطوط الحمر والسياج يمنعنا من الحديث بشكل مسموع، لأن الفتاوى الجاهزة ستفجر كل من تسول له شفتاه أو يجره قلمه للهاوية!!، الفكر والرأي الأخر يفسد في الوداد، ولهذا نرى نزيف العقول وهجرتها نحو بلاد الحريات، لكون الوطن لا يفسح لنا أن نعبر ونتحدث ونقول ما نريد قوله.
يتذمر البعض من الحالة السيئة التي وصل لها بعض المغتربين، نقول: هي الحقيقة التي ظلت سنيناً مستورة ومغلفة، فهاهو الوقت والظرف يفسح لها المجال لتبرز وتظهر، وهذا ما حدث وحسب!!
نحن ضعفاء أمام احتجاجات الكثير من الشباب والشابات، لكوننا لم نفتح المنبر الحر، أو لربما نسمح للحريات ولكن السيف وعيون الحجاج تخز بعمق!!، هل علمنا أبناءنا وبناتنا روح الشفافية في طرح المعتقدات؟ أم هي علب جاهزة تلفظ حينما يحل جناح الرحيل لبلاد الانفتاح والديمقراطية..
أيها الآباء الكرام أيتها الأمهات العزيزات، هل نحن نعرف أولاً لماذا امرنا الإسلام بحفظ المرأة؟!، ثم هل نحن فعلاً عرفنا كيف نطرح التعاليم الإسلامية لهذا الجيل الجديد؟!، هل تفقه الشاب والشابة في هذا الدين أم هي مورثات عتيقة نتخلى عنها وقتما نشاء؟! ثم نكيل التهم لعامل خارجي ونقول قد سبقتنا إليهم «المرجئة»؟!
وإذا واصلنا التغريد في ذات السياق سنقول: هل ألغى الإسلام حرية المرأة؟ ولماذا فرض عليها ضوابط معينة؟! هل مارس النبي المصطفى كبت المرأة وإخراس شفتيها كما هو الحال اليوم في أمة لا إله إلا الله؟!، أولم يسمح النبي للمرأة أن تتكلم في محضر الرجال، ثم فسح لها أن تطالبه بتزويجها علناً، وغيرها من الحوادث التي تفصح أننا لا نملك من الدين إلا الوهم الذي نسجته ميولاتنا وأعرافنا والدين منه براء!!
البعض يريد للمرأة أن تعيش حبيسة الدار والجدار، ويعلق ذلك بـ «حسن التبعل»، صنعنا من المرأة ما يرضي النهم الذكوري، فتلونت الزيجات بتلون الأهواء حتى أضحى لدينا أسماء لزواجات لم نكن نعرفها من قبل، بل ضلت المرأة حبيسة لما يريده الرجل منها، سواء كان ذلك الرجل: أباً أو زوجاً أو أخاً أو ابناً أو... وتطول قائمة الذكور، حتى أن لعلماء الدين لهم سطوة ونفوذ في المساهمة في تكريس الثقل الذكوري في الحاضرة الإسلامية وما من رقيب ولا حسيب!!
كثيراً ما يقيد العرف والموروث الخناق على هذه الإنسانة المسكينة، ولهذا نشاهد اليوم زوبعة التمرد، فهل نجحت حواء بالأخذ بحقها أم أخطأت الطريق؟!، الحقيقة أن الدين لم يحارب المرأة بل كان معها منذ بواكير إطلالته المشرقة، ولكن الدين قد شوهته التقاليد والأعراف والميولات والنزعات ويطول الحديث.
إن تمرد المرأة اليوم على الدين هو من أكبر الجنايات، فالدين هو الجوهرة التي يحاول الجميع النيل منها، فلماذا لا تعود حواء لجوهر الدين وتحارب الاعراف البالية بدلاً من تمردها على هذا الدين الحنيف؟!
هي دعوة للتمرد على القشور التي لا تمت لدين بصلة، هي دعوة لتصحيح المسار، هي دعوة للتمرد العقلائي المتزن، دعوة للتمرد الإسلامي الصحيح الذي جاء به نبي الإسلام الكريم الذي حفظ للمرأة مكانتها؛ إذ أوطئ أقدامها الجنان، بل نعت أن الجنة تحت أقدامها وأعطاها ثلاثة أرباع ما للرجل فكانت الأم هي الأحق بحسن الصحبة لا الآباء من الرجال، لكن الدين قد تخربش ونال منه الأعداء أحسنوا النوايا في ذلك أم أساؤا..