هل تحبون أعماركم «3»؟!
«الأهم من سرعة انطلاقك نحو هدف ما، هو معرفتك إلى أين تنطلق».
هذه العبارة من كتاب «إدارة الأولويات - الأهم أولا» لمؤلفه ستيفن كوفي، تختصر الكثير في مسألة إدارة الوقت. فليس المهم أن تعمل أكثر، بل الأهم كيف تعمل، وهو ما ركز عليه القرآن الكريم أيضا، كما في قوله تعالى «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا».
في هذا الإطار هناك قاعدة مهمة أكد عليها عالم الإدارة الكبير Peter F. Druckerتقول:
“Doing the right thing is more important than doing the thing right”
وترجمتها: إن أداء الشيء الصحيح هو أهم من أداء الشيء بطريقة صحيحة.
ومن وجهة نظره أن ذلك هو الفرق بين الإدارة والقيادة، فالإدارة تركز على أداء الأشياء بطريقة صحيحة وفقا للأنظمة والإجراءات وغيرها من المحددات، بينما تركز القيادة على أداء الأشياء الصحيحة.
كثير من الناس يعملون من أول النهار إلى آخره، ثم يأوون إلى فراشهم وهم في غاية الإجهاد دون أن يشعروا بالرضى عن إنجازاتهم. إذ تزال جداولهم مرهقة مثلهم بسبب زحمة المواعيد واللهاث خلف الوقت الذي لا ينتظر أحدا. فأين تكمن المشكلة؟
الجواب باختصار: ابحث عن البوصلة الضائعة. فبدون البوصلة التي تدلك على الوجهة الصحيحة، قد تقضي العمر كله لتكتشف في النهاية أنك وصلت لغير المقصد المطلوب، وأنك كنت تحث الخطى نحو الغاية الخطأ والهدف غير المنشود. كي نتمكن من إدارة وقتنا بصورة أفضل، علينا أولا أن ندرك الحاجات الإنسانية الأربع التي ينبغي الاهتمام بإشباعها بصورة متوازنة؛ وثانيا أن نعرف أين نحن من مصفوفة الوقت والأولويات، أي في مربع نعيش؟
بحسب ستيفن كوفي فإن لكل شخص حاجات أربع تمثل كل واحدة منها بعدا من أبعاد شخصيته الإنسانية. الحاجات المادية من أكل وشرب ونوم وغيرها ومركزها الجسد، والحاجات الاجتماعية من علاقات وتبادل المشاعر والعواطف ومركزها القلب، والحاجات العقلية من تعليم وتطوير وتخطيط ومركزها العقل، والحاجات الروحية من عبادة وتفكر والتزام بالمبادئ والقيم ومركزها الروح.
أما مصفوفة الوقت والأولويات فهي تقوم على أساس تقسيم المهام المراد إنجازها على أربعة مربعات حسب الأهمية ودرجة إلحاحها أو استعجالها. في المربع الأول تكون الأمور الهامة العاجلة كالأزمات الطارئة والمهام التي اقترب موعدها، كإصلاح السيارة التي تعطلت فجأة في الطريق، أو التحضير لاختبار الغد. في المربع الثاني تكون الأمور الهامة غير العاجلة، كالتخطيط للمستقبل، المذاكرة قبل الامتحان بفترة طويلة، وكأعمال الصيانة الدورية غير الطارئة. في المربع الثالث الأمور غير الهامة العاجلة كالرد على المكالمات الهاتفية، واستقبال الزوار القادمين دون موعد. في المربع الرابع الأمور غير الهامة غير العاجلة كالأمور الروتينية اليومية، والدردشات العادية وأمثالها.
الآن أجب عن السؤالين الآتيين لتعرف هل تحب عمرك حقا:
هل تخطط وقتك بشكل متوازن يغطي الحاجات الإنسانية الأربع؟
في أي مربع من المربعات الأربعة تمضي أغلب وقتك؟
للحديث بقية....
دمتم بحب.. جمعة مباركة.. أحبكم جميعا.