كذب اليهود ولو صدقوا!
هل أبو حصيرة مسلم؟ أم مسمار جحا اليهود؟ هذا ما حصل في قرية دمتيوه بمحافظة البحيرة المصرية منذ ما يزيد على الربع قرن، حيث يتوافد السياح اليهود سنوياً إلى قبره كرحلة حج مجانية ومدفوعة التكاليف من قبل رجال أعمال يهود! إنها محاولة منهم لتثبيت أقدامهم على أرض مصر. يقول اليهود أن يعقوب أبو حصيرة كان يعيش منذ مائة عام في المغرب، وأراد الحج إلي القدس، فركب سفينة إلا أنها غرقت بمن فيها من بحارة وركاب، ولكن الله نجاه وظهرت كرامته بأن وضع حصيرته التي كان ينام عليها وفردها على سطح البحر وجلس فوقها وظل مبحراً بحصيرته على الماء حتي وصل إلي السواحل السورية، ومنها إلي القدس، وبعد أن أدى شعائر حجه توجه لحائط المبكى اليهودي، وأراد أن يعود مرة أخرى إلي مدينته مراكش بالمغرب سيراً على الأقدام، فحمل حصيرته على كتفه وتوقف بمصر، وكان ذلك في عهد الخديوي توفيق 1885م، واخترق الدلتا حتي وصل إلي قرية «دمتيوه»، أعجبه الحال في مصر فاستقر بها وعمل إسكافياً «عامل أحذية» وذلك لعدم معرفة المصريين بالنعال الحديثة في ذلك الوقت، وظل يصلح أحذية المصريين حتي مات، ودفن بمقابر اليهود بالقرية.
صدق اليهود كذبتهم.. واخترعوا الكرامات والمعجزات والقصص حول صالحهم المزعوم، وتوافدوا على قبره للبكاء وذبح الخراف، وشيئاً فشيئاً حتى تحول الي طقوس سنوية كالحج على أنغام وتراتيل يهودية بشكل هستيري. ثم تبرع رجال أعمال يهود للضريح وكسوه بالرخام والرسوم اليهودية، وضموا بعض الأراضي حوله وبنوا سور وحديقة حتى وصلت مساحته الى ألف متر مربع.
أراد اليهود بعدها شراء خمسة أفدنة مجاورة للمقبرة بهدف إقامة فندق عليها لينام فيه اليهود خلال فترة المولد! إلا أن طلبهم رفض، حيث رفض أهالي القرية التعامل مع اليهود أو بيع مزيد من الأراضي لهم بعد أن انتبهوا لمخططهم الطامع، وعلى الرغم من الأثمان المرتفعة من الجانب اليهودي لمتر الأرض هناك. فقدمت إسرائيل معونة مالية للحكومة المصرية لإنشاء جسر يربط قرية «دمتيوه» بطريق موصل إلى مدينة دمنهور حتى يتيسر وصول اليهود إليها، وبالطبع قبلتها الحكومة المصرية وهو الجسر الذي يسمي الآن بجسر أبو حصيرة.
تقول الرواية العربية الخجولة لدى المؤرخين كما وثقها المحامي مصطفى رسلان من نفس القرية، وهي إن أبو حصيرة مسلم عربي مغربي قح! عاش في مراكش باسم محمد بن يوسف بن يعقوب الصاني، وكان يعمل في إصلاح الأحذية، وأنه كان ناسكاً زاهداً أتم سبع حجات إلى الكعبة وكان ينوي الذهاب إلي بيت المقدس ليصلي هناك لولا أن وافته المنية. أما كنيته أبو حصيرة فسببها أنه لم يكن يملك من حطام الدنيا إلا حصيرة ينام عليها، وكان الناس يعتقدون صلاحه، ولما مات استغل أحد تجار القطن اليهود موته ودفنه في مقابر اليهود، وساعده على ذلك أن جنسية الرجل كانت غامضة. بل هناك بعض المغاربة يؤكدون بالوثائق الثابتة أن محمد بن يعقوب الشهير بأبو حصيرة يمتد نسبه إلي طارق ابن زياد فاتح الأندلس. هذا بالإضافة إلى أن الخريطة المساحية لمدينة دمنهور عام 1910م، والتي ظهر عليها قبر أبو حصير للمرة الأولي، وقبل ذلك لم يكن له وجود في الخرائط المساحية السابقة، فكيف عاش صالحهم المزعوم ودفن بها منذ مائة عام.
أهالي القرية يؤكدون أن تراتيل اليهود تصم آذانهم من علو صوت المكبرات، والتي ترتفع كل عام عند زيارة اليهود، وإن هذا يعد من الإرهاب الفكري الذي يغتصب مسامعهم! فكيف يغصبون على سماع شيء لا يؤمنون به!! إذ تبدأ مظاهر الاحتفال بوقوف اليهود عند باب قبر الحبر أبو حصيرة فيتحدثون عن سيرته وبركاته، ويوزعون الفستق واللوز كبركة. حقاً إنه مسمار جحا اليهودي على أرض مصر! وربما سيكون أول مسمار للهيكل البديل عن هيكل سليمان المزعوم!