في البيت انسان
هل يكفي ان يولد الإنسان من رجل وامرأة ليكون «انسان» في ظاهر الأمر «نعم» ولكنه في حقيقة الأمر يختلف تماماً فكم من البشر يمشون ويتكلمون ويأكلون ويشربون ولكنهم « كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ » وتتمثل الانسانية في قلب يشعر بالآخرين ويحترمهم ويحنو عليهم ويتحسس آلامهم، تقول احدى الزوجات كنت متزوجة من رجل ذا خلق كريم، سارت بنا الأيام بحلوها ومرها سريعاً حتى وقفت على شاطئ الحزن والألم، فقد اصبت بمرض عضال استلزم مني السفر الى مناطق بعيدة لأخذ العلاجات الكيميائية هناك!
لم يتركني زوجي طوال فترة العلاج التي استمرت سنين طويلة، كان هو من يحتضنني ويخفف ألمي ويهتم بالأولاد والبيت، وكان يشعرني دائماً بأن المرض هو فرصة للتقرب من الله وهو دليل محبته سبحانه وتعالى، كان لي الزوج والأخ والصديق والحبيب والأب، كان هو القلب النابض بالحنان والشفقة لي!
ومع كل تعبه ومعاناته معي إلا أنه بقي الاب الحنون الذي يفيض بالحب والشفقة تجاه اولاده وبناته، فقد كان انسان بما يحمل من قيم وبما يزرع في اولاده من بذرة الحب والرحمة، وبما يحمله من تلك القيم تجاه ابويه من البر والشفقة وتجاه الناس من الاحترام والمودة.
وبالعكس منه هنالك بعض من الرجال أو النساء عندما يصاب شريكه بمرض خطير أو يقع في مشكلة كبيرة يشعر بأنه اصبح في سفينة توشك على الغرق فيحاول ان ينجو بنفسه ويفر بجلده، دون ان يلتفت او يراعي بان شريكه في الحياة هو في امس الحاجة اليه في تلك الازمه، وأن المصيبة كانت امتحان من الله له قبل غيره، فمصائب احبابنا هي امتحان لنا نحن قبلهم!!
يقول الرسول الأكرم محمد : « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي » يريد الله ان يستخرج النتيجة ويصدر حكمه حتى لا يكون للإنسان على الله الحجة! هل هو وهل انا! وهل انت! «انسان» في البيت؟ بالطبع «انسان» اذا كان بفعله وسلوكه وقيمه انسان اما اذا كان لا فهو «شبه انسان» وقد ينحدر بفعله وسلوكه ووحشيته الى ان يصل الى مرتبة «وحش بشري» اذا تجاوز حدود الرحمة الى مستوى الوحوش!