عن جرح العراق
استيقظت اليوم على خبر استشهاد عدد ما من المواطنين في هذه البلاد المجروحة، مع بعض الصور لأشلاء مقطعة، وفيديو لشخص يلفظ انفاسه الأخيرة، بينما المصور صاحب الفيديو منشغل بالتصوير!
تسائلتُ بيني وبين نفسي، أليس هذا تفجير يوم أمس؟ أم أنه حدث جديد؟ نظرت إلى سقف الغرفة، خجلت من نفسي.. ترى هل صارت أخبار العراق مجرد أرقام لتفجيرات تقع هنا وهناك، بحيث أننا حتى لا نفرق بينها؟
تفجير واحد في أي بلد حول العالم قد يقلب كيان ذاك البلد، وان لم يسفر حتى عن جرح واحد لقطة تعبر الشارع، تغطية الحدث تصبح عالمية، العاجل ينتشر أولا بأول، الفيديو يبث مباشرة من منطقة الحدث، أما في بلاد الجرحى - العراق - فمن يهتم؟ من يحصي هذه التفجيرات أصلا!
إعلامنا البائس في لبنان يُبدي أحيانا بعض التعاطف معهم، لكنه يسمي شهدائهم قتلى، ويصف قتلى الغير “بالشهداء”، ولكن هل يُلام إعلامنا حين تعلم أن بعض القنوات العراقية - الشيعية - تكتب في شريط أخبارها عن شهدائها.. «قتلى»!
من منا لا يعلم أن عدد القنوات العراقية اليوم ينافس عدد القنوات المصرية تقريبا في كثرتها، بين قنوات عامة ودينية وانشادية وقنوات طرب وسخافات، بالعشرات.. لا يوجد واحدة منها مخصصة لتكون قناة اخبارية احترافية متخصصة منافسة للإعلام الأعمى المتوفر على الأقمار الصناعية
بي بي سي البريطانية تبث بالعربية، روسيا اليوم تنقل أخبارها أولا بأول لنا وبلغتنا، الجزيرة والعربية إعلام عربي بتوجيه غربي واضح، استطاعوا إقناع العالم بأن الحشد الشعبي ما هو إلا تنظيم يعمل على قتل “السنة” في العراق، متناسيا أنهم يحررون مناطق يسيطر عليها “تنظيم الدولة” أصلا، ونحن مشغولون بتصوير كليب حول الحشد ثم نختلف في توصيفه، إنشادي أم طربي، يجوز أو لا يجوز؟
نحن على الهامش دوما، لا لأن الغير لا يهتم فقط.. بل لأننا نظلم أنفسنا بأنفسنا، ننتظر من الفاسدين الذين نلهث لانتخابهم كل مرة أن يصلحوا أحوالنا، وأن يحولوا أخبار فضائياتنا من “عدد القتلى”.. إلى عدد الإنجازات!