إليك أخي المفجر
إلى أخي المفجر على تراب هذا الوطن، وكل وطن، وكل شبر من أشبار كوكبنا الأرض، الذي نحلم أن نعيش فيه بالسلم والأمان، إلى الذي أزهق الأرواح في لحظة خاطفة دون أن يشعر بالندم أو يرف له جفن، رغم ما خلفه من دمٍ ودمار، تحية سلام أولاً نقدمها إليك، فرغم أنك انتزعت منا هذا السلام، إلا أن الإسلام علمنا أن نعامل الصديق الشفيق والعدو المجرم، باللين والشفقة، فكلاهما يحتاج له، فهذا للحميمية والآخر للنصح والهداية.
أخي المفجر، نعلم أنك تمتلك روحاً لا يمتلكها الكثير، رغم أننا نخالفك في مسلكك، أخي المفجر نفسه، أنت لديك من الإرادة والجرأة ما لا يقدر عليه الكثيرون، فأنت تملك أن تضع روحك على راحتك وتلقي بها في مهاوي الردى، ولكن هل موقعها في تفجير المصلين؟! وتدمير بيوت الله؟!، فكيف يدخل جنة الله من يفجر بيوته؟!، نعرف أن الناس لا تنطبق عليهم مقولة: «الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية»!!
إلا أنني أخالفك الرأي يا أخي، الذي تتقرب إلى الله بتفجيري، أنت تتمنى قتلي تقرباً إلى الله، إسلامك وفهمك للدين يجعلك تجدني فريسة وغنيمة، إذا تمكنت من قتلي فإن الحسنات تتظافر بهذا الدم الذي أرقته مني، وأعرف أن مناك أن تُقتل وتُفجر قبلي، لأنك تعتقد أن مقتلك وتفجيرك في أثناء الخلاص مني؛ يُعلي درجاتك في الجنان، وإنها من أعز القربات، بل هي «الشهادة» التي تقودك مرفوع الرأس إلى الرضوان، ومرافقة خير إنسان محمد «عليه أفضل الصلاة وأتم السلام».
أنت ترى أنك النور والهدى، أنت ترى نفسك طاهر زكي تقي نقي عابد مخلص لله في فعلك هذا، وبقتلك كل هؤلاء الناس، وقتلي معهم تتظافر لك الخيرات عند ربّ كريم، بسفك هذا الدم تصاحب الشهداء، بل أنت خير شهيد، ألا نتوقف لحظة يا أخي المفجر، لنتحاور قبل أن تفجر حزامك الناسف؟!، ألا يطيب لنا الحوار للحظة قبل أن تفجر الكون وتطلي جدار بيت من بيوت الله بدم المصلين؟!
إننا نتناقض في الرأي، فأنت ترى نفسك - بتفجيري وتفجير من معي - شهيداً بعد قليل، وأنا أراك صاحب الكارثة، لماذا لا نتحاور لحظة؟!، أي الطريقين أفضل عندك، أن تفجرني أم أكون مفجراً مثلك؟!، فأنت إن فجرتني ستلحق إلى الجنة شهيداً واحداً، أما إذا هديتني إلى ما تعتقد ستسوق إلى الجنة شهيدين أثنين، وأعرف أن منطقك يقول: شهيدين خير من شهيد، فالأثنين أكثر من الواحد، إذاً فمحاورتي واقناعي لأكون مثلك خير لك من تفجيري، فلماذا لا تحاورني بدلاً من تفجيري؟!
من خلال الحديث السابق يا أخي المفجر، يتضح لنا أن مزاولة الحوار خير وأفضل من التفجير، فالتفجير سيصنع مفجراً واحداً، أما الحوار فسيصنع لك باقة من المفجرين الذين يزفون إلى الجنان كما تعتقد، ولا شك أن لك نصيب في هذه الهداية، التي تراها خير هداية، لهذا فأنا أقدم لك أخي المفجر دعوة حوار، فلعلك تجعلني رفيقاً معك في الجنة، بالله عليك لا تحرمني الجنة إن كان في مقدورك، لا تكن عاجزاً، لا تتكاسل عن هذا الحوار، ألست على الحق؟!، إذاً لا تتعجل التفجير لتنال أجراً يسيراً، بل أهدني معك وكثر من الشهداء!!
أخي المفجر، لا تتعجل التفجير، ولا تكن ضعيفاً في الحوار، فالتفجير وسيلة العاجز الضعيف، التفجير وسيلة المتكاسل عديم الهمة، لاحظ أن الأسياد المنشغلين بإقناع الآخرين ليفجروا أنفسهم، لا يتوانون عن هذه التعبأة الجهادية، لأنهم يريدون الربح الأكبر، فلماذا لا تقتدي بهم لتربح أكثر؟!
أنا أقولك: لا تفجرني، ليس لأني أخاف التفجير، أو أخشى الموت، بل أنا مقتنع كل القناعة أني هو الشهيد الحقيقي، وأنا من سيدخل الجنة لا أنت، بتفجيرك هذا، ولكن بالحوار، نستطيع أن نصل إلى من هو الشهيد الحقيقي، ثم بعد ذلك نسير معاً إذا اتفقت الرغبتان، وإلا سيبقى الخلاف قائماً، قد لا أصل في هذا الخطاب إلى اقناعك بما اعتقد، إلا أنني اعتقد اني اقنعتك أن هناك طريق آخر لا يجعلك مثلي، ولا يجعلك مفجراً، فليبقى الحوار قائما رغم شدة الاختلاف، فذلك خير من التفجير وأقصاء الآخر المخالف لك على أي حال.