كيف نحمي مرافقنا العامة؟
العبث بالممتلكات العامة وتدمير المرافق وإتلاف وسائل المواصلات والحدائق وقطع الأشجار وتحطيم الأسوار والكتابة على الجدران، هذه التصرفات غير المسؤولة أصبحت شيئًا عاديًا في حياتنا في ظل غياب الذوق العام والجهل بأهمية هذه المنجزات في حياتنا الاجتماعية.
إن تدشين المرافق والخدمات العامة وتأسيسها وبنائها وتشييدها الهدف منها الخدمة المجتمعية العامة التي يستفيد منها أبناء المجتمع وتزخر القطيف وبقية المناطق المجاورة بمختلف المرافق الخدمية حيث تنتشر في الأحياء الحدائق والأرصفة والاستراحات والمواقف وغيرها من المرافق العامة التي كلفت الكثير من الأموال والجهد.
ولكن مايتعب النفس ويؤلمها هو إفساد الأرض بعد إصلاحها ومن ذلك العبث تخريب المرافق والخدمات العامة والحدائق والمتنزهات والطرقات. وتخريب أي مرفق يعود نفعه على أبناء المجتمع والتي شُيِّدت من أجل الاستفادة منها والعبث بها يعتبر اعتداءً سافرًا على الحقوق والأموال العامة. وإنّ من حق الجهات المسؤولة فرض غرامة على كل من يحاول العبث بها لأنها تخدم الجميع.
والمحافظة على الممتلكات العامة ليس شعارًا نرفعه أو كلامًا نردده.
فالمسألة أكبر من الشعارات والعبارات.. فهي إحساس وعمل صادقان نابعان من القلب تجاه كل شيء تحت الشمس سواء كان هذا الشيء موجودًا هنا أو هناك. والشعور بقيمة الممتلكات العامة والمحافظة عليها سمة من سمات المجتمعات المتمدنة والمتحضرة.
ولو ألقينا نظرة عامة على بعض الممتلكات وجدنا الكثير من الانتهاكات التي تُرتكب في حقها دون مبرر. فعندما تزور مثلًا بعض الحدائق أو المتنزهات أو الشواطئ أو غيرها تجد الكثير من التشوهات التي تملأ المكان وكأن هذه الممتلكات لا تعني أحد. ألم تُثر غضبك الحفر والمطبات والتصدعات التي تملأ كل الشوارع والطرقات؟ وماذا عن المخلفات التي تملأ الشواطئ؟ وهل لاحظت اللوحات الإعلانية العشوائية والشخبطة، وغيرها؟
الملاحظ أن الكثير من هذه المرافق يتم الاعتداء عليها بالتشويه من خلال عبث بعض المراهقين إما بالكتابة عليها بعبارات تتنافى مع الأخلاق والتربية السليمة وإما بتكسير مصابيح الإنارة وإشارات المرور وتخريب الألعاب في الحدائق أو تكسير الزجاج أو تخريب دورات المياه العامة وعدم الاهتمام بنظافتها وغير ذلك من مظاهر السلوك غير الحضاري وأشكال العبث التي يقوم بها نسبة لا يستهان بها من المراهقين وأحيانًا من بعض المواطنين الذين لا يبدون أي اهتمام وعناية بهذه المرافق. هذا بالإضافة إلى الشباب المنقطع عن الدراسة والذي يعاني من فراغ كبير يدفعه إلى مثل هذه الممارسات التي تستوجب دراستها بعناية فائقة. كما أنّ التربية الأسرية والمدرسية والمجتمعية يمكن أن نعتبرها جميعًا ركنًا أساسيًا في تهيئة الطفل لحياة سعيدة، فكلما كانت التربية سيئة كان احترام الطفل للأنظمة والآخرين سيء بطبيعة الحال. لأن النتيجة تتبع أخسّ المقدمتين.
إنّ هذه المرافق العامة ملكٌ لي ولك ولجميع أفراد المجتمع وللأجيال القادمة، وقد كلفت الكثير من الجهد والمال، لكي تحقق أهدافها ومصالحها لذلك يجب المحافظة عليها من قبل كل أفراد المجتمع.
وإنّ علاج هذه الظاهرة السيئة يكمن في تظافر الجهود بين كافة مؤسسات المجتمع للتصدي لها والتغلب عليها من خلال متابعة الأبناء وضع اللافتات التي تحث الشباب والناشئة على الابتعاد عن مثل هذه السلوكيات.
وكذلك يجب أن يكون هناك نشر للتوعية بأهمية هذه المرافق العامة من قبل وسائل الإعلام والوزارات المنفذة والمشرفة على هذه المرافق ومن قبل أفراد المجتمع ونحن منهم.
إنّ تعاون مؤسسات المجتمع كافة عن طريق إطلاق حملات داخل المحافظات والمدن وإشعار المواطنين بخطر هذه الظاهرة، واستنهاض الهمم للمساهمة في القضاء عليها تدريجياً هو العلاج الناجع بشرط أن تعمل جميع الجهات بروح الفريق الواحد في سبيل القضاء على هذه الظاهرة.
وإنّ الشباب والمراهقين الذين تمتد أيديهم للكتابة على الجدران أو لتخريب أعمدة الإنارة أو الخدمات الموجودة بهذه المرافق لم يأتوا من كوكب آخر فهم أبناء هذه المنطقة وتربوا وتعلموا في منازلها ومدارسها فلا بد من تفعيل دور البيت والمدرسة والمسجد والمنبر الحسيني ووسائل الإعلام المتنوعة. وفرض العقوبات الصارمة التي تفرض غرامات مالية وعقوبات حازمة، توصلنا إلى تلاشي هذه الظاهرة واضمحلالها تدريجياً.
وبذلك نكون قد حققنا نجاحاً كبيراً في النهوض بهمم الشباب وغرسنا في نفوسهم حب الوطن.
وإن المجتمع الذي يمتلك الوعي هو مجتمع قوي وراسخ. أما المجتمع الذي يفتقد الوعي هو مجتمع ضعيف متهاوي. لأن القوة الحقيقية في الإيمان الذي يغرس الأمانة والإخلاص في الفرد والمجتمع.