عقيل اللواتي شاعر الشفافية والجمال
شعرنا العربي الأصيل كان مع العاشق ومعشوقه، مع المقاتل وسيفه، مع الكريم وعطائه، مع الشريف ونبله، مع عقيل وشفافيته... مع السامرين وسمرهم.
لم تستطع معاول الهدم أن تفل عزيمته أو تصادر قيمته.
أكاد أجزم أنّ هذا الشاعر لا يستطيع كبت شعوره لحظة.. فرحه وترحه بهجته ونكبته.
تغلب عليه البشاشة وجميل المعشر وروح الدعابة والمرح.
لديه حساسية مفرطة تجاه المواقف والكلمات، وأجمل ما فيه عودته السريعة لسابق عهده.
الكلمات عند عقيل كائنات تنبض بالحياة، إنها وجود ماثل أمام عينيه يراها ويسمعها ويتفاعل معها، لا فرق بينها وبين قائلها وكاتبها.
وإذا كان الشعر لعنة فعقيل من أشد المعلونين.. إذ يكفي خناس الشعر أن يستفزه بكلمة أو يستخفه بصورة أو يثيرة بخاطرة عابرة.
هذه الحساسية الطاغية تجعله دائم البوح عبر علاقاته الممتدة وكتاباته المكثفة.. إذ لا يكاد يخلو يوم من أيامه من الشعر الذي أصبح طوع إحساسه بل حقيقة إحساسه.
أرِقٌ قلِقٌ هذا الشاعر من فوت ما يجب أن يكون فيه أو أن يحياه، وليس أمامه إلا أن يسكب الأرقَ على الورق، وقبل ذلك على جهازه المحمول الذي يستغيث من فرط إرهاق أزراره.
قبل موهبته الشعرية يطفح ذكاؤه الاجتماعي.. هذا الشاعر المرح في حياته العامة حد الإفراط مع أصدقائه أحياناً، يدهشك حينما يجلس في حضرة الوجد، وهو يستمع لتلك النواعي اللاهبة التي تأخذه إلى كربلاء الحسين وفجائع عاشوراء وما تلاها.
لا مناعة لديه من الألم يأخذ منه مأخذه لبعض الوقت، وسرعان ما يتجاوزه، فما الذي يجعله يجتاز اللحظات الصعبة بتلك السرعة رغم ضعف مناعته؟
روحه الشفيفة الخفيفة الظريفة التي لا تنبض إلا بالحب.
لديه قدرة ساحرة لإغواء كل مَن عرفه بأنه الأقرب إلى قلبه، وما أجملها من غواية.
عقيل لم برعَ إلا ابناً واحداً، ولكنه يحمل فيضاً عاطفياً يغرقُ قبيلة بكاملها، ولولا كثرة الجداول المتفرعة من ذلك النهر لأغرق عمان برمتها.
مُدمنُ شعرٍ من الدرجة الأولى ومن أراد معالجة هذا الإدمان فلا يتعب نفسه مع حالة ميئوس منها، فتوقف الشعر يعني توقف قلبه وحياته.
أعانك الله يا أم مسلم على هذا المتشاغب المطرود من ساحة التحجر والجمود.