الجندي المجهول

دائما ما ينكشف معدن الإنسان في الأزمات والمواقف الصعبة وتتضح وطنيته وانتماؤه الحقيقي عندما يتعرض وطنه لأزمة مثل أزمة كورونا الحالية وتداعياتها.

سأتحدث في مقالي هذا عن أبطال الوطن، الجنود المجهولين الذين يتصدون كل يوم للخطر في سبيل الحفاظ على سلامة أبناء الوطن. إنهم جنود مختلفون بلباس وأدوات ووسائل مختلفة لكن بنية واحدة وهدف واحد وهو أمن وسلامة هذا الوطن. جنود يرابطون على الحدود بأسلحتهم وبنادقهم لحمايتنا من أي أخطار أو تعديات خارجية وجنود يتجولون في الداخل لفرض النظام ولحمايتنا حتى من أنفسنا. جنود يجوبون الشوارع ليل نهار بمركباتهم وأجهزة النداء لتفريق التجمعات للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين.

وجنود بقفازاتهم وأقنعتهم وسماعاتهم يعملون بلا كلل أو ملل وبشجاعة مبهرة لتقديم العناية الطبية للمرضى. وفي الوقت الذي تطلب فيه الدولة من جميع المواطنين البقاء في منازلهم، يخرج هؤلاء الجنود لممارسة أعمالهم بجهد وحماس أكبر من ذي قبل.

إظهار الامتنان لهؤلاء الجنود هو أقل ما يمكننا عمله وقد أعلنت بعض البنوك تأجيل سداد أقساط قروض المنتسبين للقطاع الصحي وقدمت بعض المقاهي والمطاعم القهوة والوجبات المجانية وأهداهم آخرون بطاريات شحن ونظارات وأشياء أخرى بالمجان وكل هذا قليل في حقهم لكنه اعتراف بالفضل والامتنان لجهودهم المبذولة وبالتأكيد لن تنسى مملكتنا الحبيبة هؤلاء الجنود في الرخاء بعد انتهاء الأزمة لأنهم قاموا بواجبهم وأكثر في وقت الشدة.

سأسرد أيضا بعض المبادرات المؤسسية، المجتمعية والفردية الجميلة التي شهدناها في فترة الحجر الصحي فقد وضع بعض رجال الأعمال العديد من العمارات التي تحتوي على مئات الشقق تحت تصرف وزارة الصحة في حال احتاجت لعزل بعض المواطنين المشتبه في إصابتهم بالفيروس وأعلن آخرون عن إعفاء المستأجرين من دفع الإيجارات بسبب إغلاق محلاتهم في ظل الأزمة الراهنة. أيضا مبادرة بعض الأطباء والاستشاريين من جميع أنحاء المملكة بتقديم الاستشارات الطبية مجانا عن طريق الاتصال بهواتفهم الشخصية! وقامت بعض الجمعيات الخيرية برصد بعض الأسر المتضررة من الأزمة وتقديم المعونات العاجلة لها.

وللقطيف نصيب من المبادرات حيث بادرت الكوادر الصحية بالتنسيق مع التجمع الطبي وبالتعاون مع مركز البابطين ومستشفى الملك فهد التخصصي بفتح عيادة لمرضى القلب وأخرى لمرضى الأورام في منطقة القطيف. وعرضت بعض محلات بيع الأغذية واللحوم منتجاتها بسعر التكلفة وانطلقت حملة «نبغاك سالم» التي شارك فيها 57 مطعما ومحل أغذية لإيصال الطلبات للمنازل بلا مقابل. قام بعض المواطنين بإنشاء موقع إلكتروني «مول افتراضي» لدعم الأسر المنتجة وأصحاب البضائع التجارية المتضررة من إقفال المحلات.

ودعوة الأهالي لاستمرار دفع رسوم سائقي طلاب المدارس لاقتصار مدخول بعضهم عليها. وأيضا المبادرة التطوعية لبعض الشباب بالتنسيق مع الجهات المختصة لتعقيم الأحياء السكنية وغسل المساجد وتعقيمها. وتقديم الكثير من المواطنين دورات مجانية مختلفة عن بعد وكل ذلك فقط لتشجيع الجميع على البقاء في المنزل. بالرغم من تواضع بعض هذه المبادرات إلا أنها تنم عن إحساس بالمسؤولية وحس وطني عال. إن وطنا هذه قيادته وهذا شعبه هو وطن لن يغلبه عدو ولن تكسره محن.

وفي الختام أقول إننا وفي وسط كل هذه المبادرات ما زلنا ننتظر المزيد من المبادرات خصوصا من الشركات كشركة الكهرباء وشركات الاتصال للمساعدة في التخفيف عن المواطن في ظل الأزمة الحالية وخصوصا أن فواتير الكهرباء والإنترنت سترتفع من جراء البقاء الطويل في المنزل.

كاتبة صحفية