تحصيلي أم تعجيزي؟

تكررت الكثير من الترندات على موقع تويتر في الأسابيع القليلة الماضية التي تعالت فيها أصوات أبنائنا وبناتنا خريجي المرحلة الثانوية لسنه 2020 محاولين فيها إيصال معاناتهم مع اختبار التحصيلي للمسؤولين بهيئة تقويم التعليم والتدريب، وتناولت سهولة أن يتم الغش في الاختبار وكذلك التماس البعض إلغاء الاختبار، أملا في إيجاد حلول للمشاكل التقنية التي واجهتهم مع إجراء الاختبار عن بعد.

يستطيع أي متصفح لتويتر في ثوان أن يستشعر كمية التوتر والقلق التي تتملك خريجي هذه السنة بالتحديد وعوائلهم، وهو قلق الخوف من القادم المجهول خصوصا مع توقف الحياة ومع كل التغييرات الحاصلة على المستويين المحلي والعالمي بسبب جائحة كورونا، وذلك إضافة للقلق الكبير الذي يتملك أي خريج ثانوية في الظروف العادية خوفا على مستقبله.

إضافة للمشاكل التقنية، فقد تذمر بعض الطلبة وأولياء أمورهم من تعذر الاتصال أو عدم الرد على الاتصال بأرقام التواصل الموجودة في موقع الهيئة وعدم الرد على استفساراتهم الموجهة لحساب الهيئة على تويتر. وعلى الرغم من تطرق الكثير من التربويين والمختصين لموضوع عدم فعالية الاختبار لأسباب عدة منها طريقة وآلية إجراء الاختبار المجحفة، صعوبة تحقيق الاشتراطات المتباينة بطبيعتها بسبب اختلاف الكثير من العوامل مثل الحالة المادية للأسر وقدرتهم على شراء أجهزة تتضمن أحدث التقنيات، تباين جودة خدمة الإنترنت من منطقة لمنطقة والتي تتفاوت من ممتاز لسيئ وعدم وجود الخدمة أصلا في بعض المناطق وأيضا تفاوت مهارة الطلاب في استخدام الحاسب الآلي، وخصوصا مع ضيق الوقت وعدم إمكانية الرجوع للسؤال للتعديل وأيضا إمكانية الغش العالية، كل ما ذكر من أسباب وأكثر يجعلنا نصل لنتيجة واحدة وهي حالة عدم تكافؤ الفرص في القبول في الجامعات والتي سيخلقها اختبار التحصيلي هذه السنة، وذلك بسبب صعوبة تحقيق الاشتراطات بالعدل والتساوي.

وقد ألغت وزارة التعليم إكمال الدراسة واختبارات نهاية السنة مراعاة لظروف الطلاب وخصوصا من لا يملكون أجهزة أو خط إنترنت، كما ألغت الكثير من كبرى الجامعات والمؤسسات التعليمية في المملكة وحول العالم الاختبارات بجميع أنواعها، مراعاة للطلبة في هذه الظروف الحرجة وتفاديا لتحويل مستقبلهم لحقل تجارب.

ومع ذلك ينتظر قرابة ال 350 ألف أسرة نتائج هذه التجارب المصيرية بتوتر شديد وبأعصاب مرهقة والتي ستكون متباينة ليس بسبب اختلاف قدرات الطلاب إنما بسبب اختلاف ظروفهم.

وبعد أن دفع الطلاب رسوم الاختبار، سيختبرون شاء من شاء وأبى من أبى ويتجرعون مرارة الظلم الناتج عن عدم تحقق الاشتراطات للجميع بالتساوي، من وجود أجهزة حديثة وملحقاتها كالكاميرا، السماعات، الميكروفون واتصال ممتاز بشبكة الإنترنت ومضمون طيلة وقت الاختبار.

والظلم الناتج أيضا عن قرار توزيع الدرجات على نصف عدد أسئلة السنوات الماضية، ما يعني سهولة خسارة درجات أكثر لكل إجابة سؤال خاطئة، ومن ثم نتائج أسوأ ستترتب عليها حياة ومستقبل المساكين الذين قدر لهم التخرج بالتزامن مع اجتياح هذا الوباء للعالم.

نحن لا نتحدث عن إلغاء الاختبارات في كل العالم فقط، بل ألغت الدولة حفظها الله الحج والعمرة والصلاة في المساجد بالرغم من عظيم شأنهم، وألغت المناسبات الاجتماعية السعيدة والحزينة فلا عرسان يزفون ولا أموات يشيعون حتى أصبح تقديم العزاء برسالة مكتوبة أو صوتية.

كما ألغيت الرحلات الدولية وتوقفت الأعمال وتعطلت المصالح وذلك فقط خوفا على صحة الناس مخافة انتشار الوباء، وبالرغم من ذلك تبقى الهيئة عازمة على إجراء الاختبار وتأتي لنا بحل رائع لمن لا يستطيعون إجراء الاختبار عن بعد، بإحضارهم شخصيا لمراكز قياس لإجراء الاختبار المحوسب!

كاتبة صحفية