مغارة الخطر

زينب أبوتاكي

وضعت اللمسات الأخيرة على شعرها البني الطويل ، نظرت للمرآة و بابتسامة سريعة غادرت الغرفة حاملة حقيبتها الفاخرة و عباءتها اللامعة المزخرفة ، ولم تنسى أن تضع رشات من العطر الفرنسي ذو الزجاجة الذهبية، بداخل قلبها شوق وفضول .. تحدث نفسها ترى كيف ستكون زيارتي للكلية التي طالما حدثتني عنها صديقتي فاطمة ؟؟ تتنفس بعمق و إذ بجوالها تتصاعد منه الموسيقى  . جاءت صديقتها فاطمة لتقلها معها كما وعدتها. فقد حان موعد المغامرة لتتعرف على عالم الكلية  انطلقت مستبشرة، نظرت للمبنى من الخارج ذو النوافذ الزجاجية المستطيلة،  ثم وقفت مقابل البوابة الخضراء الحديدية  دخلت واثقة ، تخرج من حقيبتها مرآتها الصغيرة لتلقي نظرة على أحمر الشفاه الذي وضعته على شفتيها .. ، فاطمة استأذنتها و ذهبت بخطوات سريعة لعلها تلحق أن تدخل القاعة قبل فوات الأوان ،    بعد أن اتفقت مع مريم أن تلتقيا في كفتيريا رقم 3 في الساعة التاسعة والنصف .

 مشت خطوات بسيطة  هزتها فتاة ضخمة بكتفها ، ثم استدارت لها وقالت لها : يا حلوة .. ما كان قصدي!! ، غمزت لها بعينيها و سريعا ما اختفت   عن الأنظار.. . بدت حائرة أي طريق تسلك اليمين أم اليسار ؟ لا هذا ولا ذاك، الساحة الكبيرة التي أمامها هي وجهتها . جلست على كرسي خشبي  مغطى بطبقة من الغبار ، تسلت وهي تراقب أزياء الطالبات كأنها جالسة في حفل للأزياء ، البعض منهن  كأنهن في حفلة أو زواج بذاك اللبس المبالغ فيه والكعب العالي ، و طبقات من المكياج الغامق !!

 ذو شعر قصير  بقميص أبيض ووشاخ مخطط بالأحمر والأبيض يقترب من بعيد ، ، شعرت بالذعر والخوف الشديدين  ،  تفكيرها توقف كيف لهذا الرجل أن يدخل  كلية البنات ؟!! كلما خطى خطواته نحوها

 تهتز نبضات قلبها كزلزال يوقع بالأرض . أرادت أن تخرج عباءتها من حقيبتها  فتناثر ما تحتويه هنا وهناك ، لم تستطع لبس  العباءة  إلا مقلوبة ! وضعتها على رأسها كيفما تفق لعلها  تستر ما تستطيع من جسمها

حاولت أن تخفي نفسها من هذا الوحش القادم .. أما هو كان يتلذذ وهو يرآها من بعيد بهذه الحال التي يرثى لها ، كان يعلم مدى ضعف فريسته . هرولت لعلها تفلت منه ، تلتفت وراءها تراه يخطو بخطى سريعة وواثقة ، كان العمود الخرساني ملاذها لتختبئ خلفه . انهارت باكية ، سقطت على الأرض ، رفعت رأسها لتجد الرجل أمامها بنظراته الحادة ..تأملت والخوف في ذروته أنها فتاة مسترجلة ..تنهدت وتوقف الزلزال من قلبها ..

عادت من حيث أتت ولملمت ما سقط من حقيبتها ..لكنها لم تجد هاتفها المحمول، لقد سرق! ، باتت في حيرة كبيرة كيف ستعلم أين كفتيريا رقم3  ، نظرت للساعة اقترب موعد انتهاء المحاضرة ، إذا يجب أن تلتقي بصديقة عمرها فاطمة ، قررت أن تسأل الفتاة الجالسة على الكرسي الآخر . أجابتها سريعا وانطلقت .. تمنت لو لم يتحقق الحلم الذي  سنينا تحلم به، تابعت سيرها،كل من تقع عينيه عليها يجدها كالثكلى ، المكان أشبه بالمتاهة فجميع الممرات متشابهة ، إلى أن وصلت لذاك الممر الطويل كانت أبواب كثيرة على جانبية .. السقف عالي جدا ، ولكن انتبهت أن نصف الإنارة مطفأة كلما اقتربت من الكفتيريا ، لكن لم تعر اهتماما كان همها الوحيد  أن لا تتأخر على فاطمة . فتحت الباب صعقت عندما اكتشفت أنها غرفة الكهرباء !! أحست أن هناك أحدا.. اقتربت وشاهدت فتيات ذو شعر قصير يصل إلى حد الرقبة كالصبيان كل واحدة تمسك بيدها سيجارة مشتعلة والدخان الكثيف يتتطاير من الأنوف والأفواه والسجائر، هؤلاء فتيات مثلي أم رجال متسليين داخل الكلية ؟؟ وقفت مذهولة ، الخوف سكن قلبها ، أنشلت  قدماها، رجفة قوية بجسمها المتهالك شعرت بالدوار الشديد و كأن الأرض تدور بسرعة قوية كل حركة من جلوس و وقفة وكلمة لم توحي لمريم المسكينة سوى أنهم فتيات مسترجلات وفي جهة أخرى فتاة بملامح رجولية بالقرب من فتاة فاتنة ، تغلق أزرار قميصها العلوية بجهة الصدر ، يد مغطاة بالشعر الغليظ تمسك بمريم وأغلق باب الغرفة !!