إلى والدي العزيز

 

قطعت ولاء المسافات الطويلة , ورمت بنفسها بين أحضان الغربة .

قلبها ينتعشُ بحبها للوطن , وإخلاصها لأبناء الوطن المعطاء .

ارتسمت على وجه ولاء ملامح الغربة , وفي عينيها دمعت الفراق .

تألم قلبها وأخذه الحنين إلى شم تراب الوطن , وأخذتها أقدامها بين أزقت وحواري المدينة السياحية .

وستقر بها الحال في أحد المقاهي , لتأخذ قسط من الراحة بعد هذا السير الطويل .

ونظرت وتصفحت الوجوه , ملامحهم عربية , تعمقت أكثر قرأت قسمات الوجوه , أنهم من مدينتها من أرض الوطن .

تجمدت حواسها الخمسة إلا أذنها ظلت تسمع كل همسة تدور .

فتحت ولاء جناحها الخاص , ورمت بنفسها بين أحضان والدها الغالي , وجرت دموعها , ولتهب فؤادها , أما قلب والدُ ولاء فقد خيم عليه الغرابة والحزن ممزوج بالدهشة .

ودار في خاطر والدُ ولاء ألف سؤال , وكل سؤال يتفرع منه ألف استفهام .

وهمت نفسه الأمارة بالسوء ورفع كفه .

صرخت ولاء لا . لا أبي فقد أحسنت تربيتنا , أنت أفضل أب وأتقنت دور أمي رحمة الله عليها .

لا يذهب بحلمك الشيطان .

أنا ابنتك , وتربيت تحت ظل القيم والمبادئ النبيلة , غرست في نفسي روح المحبة والولاء لأبناء وطني .

صرخ والدُ ولاء هل أصابك مكروه ؟

هزت ولاء رأسها .

وفهمها والدُ ولاء .

إذًا ماذا حدث ؟

تحولت دمت الفراق إلى دموع , وملامح الغربة إلى وجه حزين وكئيب , وخفق فؤادها حسرة , وتقطعت كبدها ألمًا .

فتحت ولاء يدها .

أخذ والدُ ولاء الورقة قبل أن تذبل من كثرت الدموع .

قرأ والدُ ولاء الورقة بهدوء .

إلى والدي العزيز

تحية معطرة بالفل والرياحين

بينما أنا كنتُ أجلس في أحدى مقاهي المدينة , بعد أن تمكن التعب مني , سمعت أذني ألفاظ وعبارات  , من أحدى أخواتي , وقد كانت تتحدث مع أحد الأشخاص عبر الشبكة العنكبوتية .

فقد كانت على موعد معه , وكان مضمون الكلام فيه غزل جريء , يتخلله ضحكات صاخبة , مزجتها بتذمرها من والدها وبخله , وتمنت لو كان معها في رحلتها , وطعمت الحديث بنبذة عن حياتها في ذلك اليوم , وهاما كلاً منهما في بحر الأوهام , وبنا كل واحد للآخر بيت من السراب .

لم يحتمل عقلي ما رأى ولم تفهم أذني ما سمعت .

أيعقل هذا من أختي ؟

توقف والدُ ولاء عن القراءة .

صرخ بأعلى صوته أي أخت من خواتك هذه ؟

لم أقصر معكم ربيتكم تربية سليمة , وأقدامكم سارت في الطريق السليم منذوا نعومة أظافركم .

دمعت عين ولاء , وأجهشت بالبكاء أنها أختي .......

أي واحدة منهم ؟

تكلمي ولاء ؟

حوراء أم دعاء أم ثناء .

قالت ولاء :  لا والدي لِست شقيقتي .

وسحبت ولاء الورقة بهدوء .

وقالت ولاء : أبي سوف أرسل رسالتي إلى كل أب وصوتي إلى كل أم .

انتشلوا فلذاتُ أكبادكم قبل أن يسقطوا في الهاوية .