ماذا أقول في حقك؟ «الخطيب الحسيني الكبير الملا حسن آل باقر»
ايها الأب العظيم والمعلم الكبير والعالم المتواضع وذو الأخلاق الرفيعة، اكتب هذه السطور وعيني تدمع وقلبي محزون بعدما سمعت برحيلك من الحياة ووفدت لرب رحيم وأبت نفسي إلا أن أكتب لك مافي خلدي وما شاهدته بعيني وتعبير حبي لك.
فماذا أقول في حقك؟ والكلمات لا تسع حقك بصفاتك الحميدة، فحروفي محتارة فماذا تنسج لك من تعابير الحب والإخلاص والوفاء لك.
ماذا أقول في صبرك؟ لقد كنت صابرا على كل المواقف التي واجهتها ونالت من حقك وظروف الحياة المتقلبة، فقد كنت محتسبا لله عز وجل، وكنت ودودا محبا للجميع، ولا تبالي من القيل والقال، فقد كنت جبلاً صامدا ً لا تهزه الريح، فقد كنت حليما مبتسما ترأف بالجميع رغم الصعاب التي واجهتها.
ماذا أقول في تواضعك؟ لقد خجل التواضع من تواضعك، فأنت العالم الخطيب الكبير وتتواضع للصغير والكبير، لقد شاهدتك بعيني كيف تتكلم وترحب بالجميع بكلمات الأب الرحيمة وبعطفك الكبير الذي احتوى الجميع، ولم تهتم للمناصب والوجاهة فكان دأبك الخير والسلام للجميع. وأتذكر عندما أخبرتك بحفل تكريم الأهالي لك عميد المنبر الحسيني فقد رفضت ولم توافق إلا بصعوبة وقلت بكل تواضع لا يلزم تكريمي.
ماذا أقول في كرمك وسخاءك؟ كنت كريما وسخيا مع الجميع وبالخصوص مع المحتاجين الذين اعتبرتهم أبناءك وإخوانك وأهلك، وتسأل عنهم وعن أحوالهم واحتياجاتهم، وحتى المقبل على الزواج تدعمه بالمال وتدعو له بحياة زوجية هانئة، وتسأل عن المنكوب وأحواله حتى احتويت قلوبهم وملكتهم بحبك وكرمك، وأنت أحد الداعمين للمشاريع الخيرية في بلادنا وكل مشروع خيري لك فيه لمسة وتقدم ذلك بحب كبير.
ماذا أقول في حلمك العلمي والأخلاقي؟ كنت حريصا على تعليم الصغير والكبير وأعواد المنابر الحسينية تشهد بذلك وتسأل عما يحتاجه المجتمع وتلبي احتياجاته العلمية، وقد تناقشت معنا الشباب أكثر من مرة بأن مجتمعنا يحتاج إلى توعية دينية واحتواء علمي فكنت الملهم لنشاطنا الاجتماعي.
ماذا أقول في عملك الخيري؟ لقد قمت برئاسة لجنة التنمية الاجتماعية بالحلة لسنوات كثيرة وبعدها تركت المهمة لغيرك بكل ترحيب، وقد كنت أحد المؤسسين لمشروع الزواج الجماعي لسنوات ودعمت المشروع ماديا ومعنويا وكان من أفضل المهرجانات في المنطقة متحملا كل التبعات الأمنية والاجتماعية. وكنت أحد الداعمين لمشروع حسينية الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام الذي حلمت بافتتاحها لتنفع أهل البلد ولم يكن لك ذلك.
ماذا أقول في عبادتك؟ ذهبت معك إلى الحج وقد رأيتك بعيني تتلو القرآن بصوتك الشجي وتبتعد عن النقاشات والجدل العقيم، تختم القرآن في رحلتك للحج، وتقرأ الأدعية عن قلب وكل سنة وأنت تحج مع المؤمنين وتزور الأئمة الأطهار سنوياً، وقد رأيتك في رحلتنا تهجدك بالليل وبكاؤك وخشوعك فقد تأثرت بك كثيراً في قولك وفعلك.
ماذا أقول في خطابتك الحسينية؟ صوتك الشجي يدوي بين أرجاء البلد وحبك للحسين وآله وأنت على منبره تخطب للناس وتبكيهم وتبكي بحرارة على أبي عبدالله الحسين ، ورأيتك بعيني عندما تذكر المصيبة بتفاصيلها وبالخصوص أيام العشرة المحرم يكون مجلسك مكتضا من المؤمنين يستمعون لك ويبكون بحرقة على مصيبة كربلاء، فكنت رسولا ونعم الرسول للخطيب الحسيني المتواضع، ونشرت علوم أهل البيت عليهم فهنيئا لك وفودك على الله عز وجل وتستقبلك الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها.
فسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حياً، فسيرتك في الحياة بأخلاقك المحمدية وقدوتك لأئمة أهل البيت ، فقد أصبحنا من بعدك يتامى وحيارى وأنت أب الجميع، قلبك الكبير احتوانا، وعندما نرى طلعتك البهية تبتهج قلوبنا وترفرف أرواحنا، فأيها الموت هونا علينا برحيل والدنا الكريم الخطيب الكبير ملا حسن بن الملا محمد آل باقر إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- ابنك وتلميذك السيد زكي الشعلة
الثلاثاء ٧ / ١١/ ١٤٤٠هـ