من أمن العقوبة.... أساء الأدب
في أحد الأيام سألني ولي أمر عن مستوى ابنه الدراسي وسلوكه وتعامله وعن مهاراته الاجتماعية مع زملائه الطلاب، وقد أخبرته بأن ابنك غير مبالِ بدراسته ومستقبله وليس عنده حس المسؤولية الذاتية وعدم الاهتمام بطلب العلم والحصول على أعلى الدرجات، فقد كان همه النجاح ولو بمستوى منخفض وهذا ما لا يرضي الوالدان عنه.
وبعدها قال لي: ما الحل؟. فذكرت لوالده بأن ابنك يحتاج للعقوبة والحرمان حتى يشعر بالمسؤولية وينتبه لنفسه ومستقبله، ويعرف أيضا أهمية الشهادة والتحصيل العلمي حتى ينجح بتفوق. وبعدها سكت ولي الأمر وأخذ يفكر فهل العقوبة حلاً لمشكلة ابنه أم يوجهه ويرشده فقط؟.
في الكثير من الأحيان وفي بعض الأحداث يحتاج الإنسان في مسيرة حياته إلى عقوبة رادعة وصفعة قوية توقظه من نومه العميق ومن غفلته وتوجه نحو الطريق السليم. فبعض من الناس قد أنعم الله عليه من فضله من المال والجاه والعلم قد ينحرف عن طريق الجادة بحيث يستخدم أمواله في غير محلّها أو يستخدم جاهه الاجتماعي وسلطته في ظلم الناس أو يستخدم علمه في معصية الله والتفريق بين عباده، فمثل هؤلاء المنحرفين عن الجادة يحتاج كل واحد منهم إلى عقوبة رادعة من سلطة قوية تردعه وتجعله يعتبر لتوقظه من نومة الغافلين.
فقد سمعنا الكثير من التكسير والخراب المتعمد في المرافق العامة للناس من قبل العابثين، حيث أنعم الله علينا نعمة الأمن والأمان في وطننا الغالي وهؤلاء المنحرفين عن الطريق يسببوا الإزعاج وفقدان الأمن ونشر الفوضى بين الناس، طاقاتهم يفرغونها في التخريب والدمار لا لحاجة يحتاجونها ولا مال يكسبونه وإنما إبراز قوتهم على ممتلكات الناس وممتلكات العامة، وإثبات لهويتهم الضائعة بالدمار والخراب. وإذا تم اكتشافهم والتعرف عليهم تقوم السلطة التنفيذية بعقوبتهم وجلدهم لكي يرتدعوا وتصحح سلوكهم لأنهم خالفوا الأدب العام وزعزعوا أمن الناس وطمأنتهم.
وهناك الكثير من الأمثلة الواقعية الذي يحتاج للإنسان إلى توقف وتمعن بمسيرته الحياتية الخاطئة ليبدأ من جديد بطريق النور والهداية، ففي كل دولة هناك سلطة قضائية وتنفيذية ليتم فيها عقوبة المسيء والتي تسوّل له نفسه في إيذاء الناس والعبث في ممتلكاتهم الخاصة وممتلكات العامة، فمثلاً بعض الشباب المولعين بالتفحيط لإشباع رغباتهم الذاتية والشهرة الزائفة والتشجيع من قبل الجمهور الشبابي قد يضر بنفسه وبغيره، فكم من الحوادث سببها التفحيط! وكم من الضحايا سببها التفحيط! بالإضافة إلى تعطيل الشوارع العامة والأضرار الأخرى، فينبغي توجيهم وعمل ميادين خاصة لهم بعيدة عن حياة الناس، فقد وضعت الجهات المختصة قوانين رادعة وعقاب صارم للمخالفين عن القانون والمخربين من الشباب ومن تسول له نفسه في إيذاء الآخرين. وعلينا أن نوجد حلاً بديلاً لتجاوز مشكلتهم بالتعليم والتربية والنظام ا لرادع والقانون المحكم.
وهناك قضايا كثيرة مزعجة في مجتمعنا تحتاج إلى عقوبة فاعلها ليكون أدباً له وعبرة لغيره، فمثال ذلك سرقة الحقائب النسائية التي انتشرت بين بعض المراهقين المنحرفين، والسطو على المحلات التجارية وسرقة ما فيها، والمضاربات بأدوات حادة وهتك الأعراض والابتزاز بأنواعه والاختلاسات المالية والنصب والاحتيال والرشوة والمخدرات وغيرها الكثير. فعلينا أن نجد حداً لهذه السلبيات التي بدأت بالانتشار بين أوساط الشباب، فعندما تكثر هذه الممارسات السيئة في مجتمعنا فإنها تسرق منّا نعمة الأمن والأمان، فلا بد أن نضع أيدينا جميعاً ونتكاتف لمواجهة هذه المخاطر من لجان أهلية وجمعيات خيرية وسلطات حكومية، بل على كل فرد أن يكون فاعلاً ومؤثراً في أسرته ومجتمعه، فعلى كلٍّ منّا التوجيه والإرشاد والمتابعة لأولادنا ومراقبتهم وتعليمهم الأدب العام وتوضيح العقوبة لكل من يسيء الأدب مع نفسه وأهله وأفراد مجتمعه ووطنه، وإذا سكت الجميع عن هذه الممارسات السيئة ولم نضع حلولاً جذرياً لحلها فستكون حياتنا ظلاماً يسوده الشر ويحكم فيه الأشرار، واجعلوا هذه الحكمة في سمعكم وصدوركم «من أمن العقوبة... أساء الأدب».
أعاننا الله جميعاً على فعل الخيرات والابتعاد عن معاصيه. وليكن رسولنا الكريم وأهل بيته الكرام وأصحابه المنتجبين القدوة الحسنة لنا في التعامل الإنساني ونأخذ منهم الأخلاق الحميدة والسيرة الحسنة في تعاملنا مع الحياة، وننشر الخير والمعروف بين الناس، ونمتثل لتعاليم الإسلام وتوجيهاته، فإن نعمة الإيمان من أكبر النعم المحصنة للإنسان من كوارث الحياة والعمل به ينال الإنسان سعادة الدارين. دمتم بخير
سؤال التحدي الأسبوعي: حزمة فيها 40 ربع ريال، كم تساوي 10 حزم منها بالريال؟
أ» 100 ب» 30 ج» 50 د» 150
جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي: مثلث قائم الزاوية.