القارئ دائمًا على حق
كما جاء في التعبير السائد أن العميل دائمًا على حق، يمكن القول أيضًا إن القارئ دائمًا على حق حينما يقرر قراءة كتاب أو الامتناع عن قراءته، أو أن يتوقف عن القراءة كليًّا؛ ذلك أنه لا بد أن يكون هناك سبب حقيقي لهذه الأمور، فحالات القارئ تلك مرجعها جميعها أن القارئ إما أنه يستمتع بالقراءة أو لا يستمتع، يستفيد أو لا يستفيد.
ولذلك فإن معالجة هذه الإشكالية تتطلب منا أن نعرف جذورها، متلمسين حلولًا مناسبة لها، وأن نتوقف عن إلقاء اللوم على القارئ، واتهامه أن عزوفه عن القراءة بسبب عدم حبه لها وعدم رغبته في التزود من العلوم بالقراءة، وأننا أمة متخلفة وغير محبة للقراءة.
إن الحقيقة تكمن في مكان آخر، وإن جزءًا من اللوم يجب أن يلقى في اتجاه آخر؛ وهو الكاتب نفسه الذي أغلق على نفسه في بروج عاجية متسلحًا بكتابات نخبوية لا تفهمها إلا شريحة ضيقة من المجتمع. أما الفئة الثانية من الكتّاب فهم الذين يكتبون في ما لا يهم المجتمع، فهم أبعد الناس عما يلامسهم من هموم واحتياجات. وأما الفئة الثالثة فتهوى كتابة المطولات التي لا يطيق قراءتها إلا النادر من الناس، ولا تلتزم بما قاله الفرزدق حين سئل عن سبب تحوله إلى القصائد القصار بعد الطوال: لأني رأيتها في الصدور أوقع، وفي المحافل أجْوَل. وخلاصة ذلك ما قالته ج. ك رولينغ: إذا كنت لا تحب القراءة فأنت لم تجد الكتاب المناسب بعد.
ليست دعوة لتسطيح العلوم أو للنزول بمستوى الكتابة إلى مستويات هابطة، بل للتغيير في أسلوب الكتابة بما يتناسب مع الجيل الجديد وما يهواه من كتابات قصيرة ومختصرة تصل به إلى الهدف بأقل عدد من الكلمات، أو ما يمكن تسميته «توترة الأفكار»؛ أي تحويلها إلى أفكار على شاكلة ما يُطرح في تويتر «سابقًا» من كتابات قصيرة. فهل نستطيع ذلك أم نترك الجيل الجديد على حاله بتعلقه بوسائل التواصل الاجتماعي وما فيها من غث؟
*إن أنفع الكتب هي تلك الكتب التي تستحث القارئ على إتمامها. فولتير
* إن استطعت أن تُمتع من يقرأ لك ولا تستمتع أنت بما تكتب، فذلك هو الاختبار الحقيقي للكتابة. إرنست همنغواي