ثقافة القرف الاجتماعي
ما أكره العيشة في مجتمع إنساني يتبنى أفكار متطرفة ويعيش في بيئة تسود فيها الخلافات والعداوات دون وجود أطراف مسؤولة عن هذه البؤرات المريضة والفاسدة التي تنشئ بسبب تعود تلك الطبقة أو الشخصيات المحددة على ممارسة دور المتفرج تجاه كل مشكلة تحصل في كل ساعة أو يوم أو أسبوع، ولأن الخوف والغفلة الزائدة ينتج عنها تراخي عن تطويق المواقف الانفعالية والخصومات التي تخلق عصبية وضغوطات نفسية.
دور المتفرج سبب رئيسي في تأسيس حالة الإنهزام الداخلي أمام التعامل والتعاطي مع المحيط الاجتماعي المليئ بالمصاعب فالشخصيات المتفرجة تتجنب تحمل المسؤولية وتتهرب من الأوامر الصادرة من أصحاب النفوذ الاجتماعي القوي وتلبية الخدمة في البيئة المجتمعية التي تتغلغل فيها العنف والأمراض الاجتماعية، نظرا لتكريس وتخصيص أوقات لإثارة الفتن عوضا من العمل على التخلص والقضاء على البذور الفاسدة، من أجل تهيئة أجواء الإصلاح والتفاهم دون وجود ضغوطات وطريقة تفكير سلبي تضع حاجزا أمام التقدم والتطور الفكري.
ولأن الضغط ينتج عنه التوتر والخوف الشديد الذي يكون عنصرا أساسيا في توسع وانتشار ثقافة القرف، من هنا تتحول الأحاسيس والمشاعر السلبية إلى التوجه للبحث عن الهفوات والزلات وممارسة الاستفزاز والغضب مستفحل نحو الآخرين، من خلال إستخدام مختلف الوسائل الساعية لتخريب المشاريع الإصلاحية في البيئة الاجتماعية فالتخريب عبارة عن مرض نفسي يدمر التماسك في البيئة الاجتماعية ويؤدي للتفرقة بين مختلف الأطراف سواءا كانت بعيدة أو قريبة.
ثقافة القرف مرتبطة بوجود خلافات سابقة «ملفات قديمة» أو انفعالات عصبية أو أحقاد دفينة مبرمجة على الهجوم والهمجية وإفساد مشروع إصلاح ذات البين، بالأخص عندما يكون هناك أفراد أو جماعات تتبع منهج الفجور في الخصومة والتسقيط والتشهير على نطاق واسع مما يسبب ذلك في انتقال العدوى بين شرائح اجتماعية أخرى، نظرا للشعور بحالة من الارتباك والابتعاد عن تحمل المسؤولية، وبالتالي ضعف القدرة على النهوض والحركة وحل المشاكل.
وسبب انتقال العدوى والقرف هو وجود أطراف تحرض وتشجع أطراف أخرى ممارسة التخريب بدلا من اقتناص الفرص في مواجهة النوازع الشيطانية فالشيطان الخبيث يعمل بكل قوة على الاستغلال السيئ لعقول الأفراد أو الجماعات التي يمكن أن يقال عنها: توجهت لعبادة الشيطان واتباع الأوامر الصادرة منه، فمثل هذه العينات كيف يمكن أن تكون عنصرا فاعلا في صنع المعروف بين الناس والمسارعة في فعل الخير عوضا من المسارعة في ممارسة الغيبة والنميمة والإفساد بين الآخرين؟
تبقى المواجهة لثقافة القرف مرتبطة بوجود أطراف مسؤولة عن الاحترابات والخلافات في كل مجتمع مما يؤسس ذلك حالة الاستعداد وعدم الشعور بالخوف لدى أصحاب النفوذ الاجتماعي والمسؤولين المتعاونين على إعادة المياه إلى المجرى الطبيعي، مما يعطي ذلك القدرة على تعزيز التفاهم والتواصل مع الأطراف البعيدة والقريبة وبالتالي انتشال العدوى المدمرة المشابهة للقذائف الصاروخية التي تكون على هيئة الاستعداد للاستماع لأصوات أصحاب القلوب المريضة بداء الفتن، ولا ننسى الشياطين البشرية في الساحة الثقافية والاجتماعية.