الإحساس بالمسؤولية والمجتمع المضطرب
الفجور في الخصومة يؤدي للإحساس بالعصبية والخوف الشديد الذي يجعل المحيط الاجتماعي يعيش في حالة الفقر النفسي الذي يمثل الشعور بعدم الإرتياح، وخصوصا عندما تحصل مشاجرات ومناوشات كلامية تخلق اختلال في التوازن النفسي والعقلي لدى الشريحة الاجتماعية التي تعيش في بيئة مجتمعية ممتلئة بالأجواء المشحونة بالعنف والتنمر والعدوان السوداوي والاستفزاز، مما يسبب ذلك للشريحة المعرضة للاستفزاز اضطراب في النفس وقلق وتوتر زائد نتيجة العيش في دائرة ضيقة بعيدة عن الهدوء.
المجتمع المحدد الذي يفتقر للحوار والنقاش الهادئ دائما يعيش في فقر وحروب ودمار شنيع ينتج عنه وجود أفراد لا ترغب في تحمل المشقة في جانب ترتيب وحل تلك الخلافات التي تتمثل على هيئة البشر الذين لا يعرفون كيفية ضبط النفس عند التعرض لمشاكل العويصة.
وهذا الموقف أو المثال ينطبق على العيشة في غابة الحيوانات المفترسة التي لا تملك العقل الإنساني فبعض البشر لديهم عقل وسيطرة على الأعصاب ولكن هناك بشر على هيئة الحيوانات بل مضطربين ومهزومين نفسيا، ولأن الإنسان يستطيع أن يتغلب على مثل هذه البؤرات الفتاكة عندما يكون لديه إحساس بالمسؤولية بعد أن يراجع الأخطاء ويتعلم منها، مما يساهم في تشجيع المجتمع على تنظيف النفوس والقلوب الممتلئة بالأحقاد الدفينة الساعية لزعزعة الاستقرار النفسي والتماسك المجتمعي.
الحمامات في الأماكن العامة بتواجد فيها عمال يسعون لتنظيف المكان عندما يكون ملطخ بالأوساخ الكثيرة الخاصة بالأشخاص الذي لا يهتمون بالنظافة ولا يحافظون على نظافة المكان الذي يدخلون إليه، وهكذا الأمر مع الفرد والمجتمع الذي لا يسعى لتنظيف القلب والنفس من الرذائل والآفات الأخلاقية التي تهدف لإثارة البغضاء والمشاحنات العنيفة، في هذا المجال ستفوح منه رائحة العفن التي تكون على هيئة الفجور بالخصومة والغضب الانفجاري والفقر النفسي.
ومن الأسباب المعينة التي تؤدي إلى زيادة العفن الاجتماعي هي: الشماتة الزائدة على الآخرين، والحقد والحسد الشديد، وكثرة التفرج على المشاكل دون التفكير في بناء الثقة بالنفس والتعامل معها بروح إيجابية، وسوء النية أو الظن، والتطرف والإرهاب الفكري.
المجتمعات الراقية تسعى لتهيئة الأجواء المريحة، من أجل بناء سلم اجتماعي يهدف لتخفيف حجم الأضرار الناجمة عن السلوكيات التخريبية التي تعمل على تدمير التماسك الداخلي للمجتمع، وبالتالي يؤثر ذلك على الحالة النفسية والاجتماعية، نظرا لوجود نظرة ضيقة تجاه التعامل الفعال مع الخلافات التي تحصل بين فترة وأخرى بين الناس.
والحلول الفعالة للتعامل مع العفن الاجتماعي بصورة إيجابية هي: تعزيز ثقافة الاعتذار، والحديث الصريح مع الآخرين عندما تحصل مشكلة محددة لها أضرار كبيرة على المجتمع، وتعزيز التفاؤل والنظرة الإيجابية تجاه المواقف الصعبة دون الميل للتشاؤم الحاد، إضافة إلى ذلك التعرف على ثقافات المجتمعات المختلفة في الأفكار والقناعات فالإنسان صاحب الثقافة يتناقش مع مجتمعات متنوعة وذلك على حسب المقدرة في الكلام والأخذ والعطاء وتبادل الآراء.
ختاما، من المفترض أن الإنسان لا يمارس الغيبة والنميمة والسخرية بغرض الاستهزاء والضحك والشماتة على الآخرين، بل يجب أن يكون سند لهم عندما يتعرضون لخلافات اجتماعية كبيرة حصلت بسبب سوء نية أو فهم، وأحيانا تحدث بسبب التهاون في احتواء تلك النزاعات بين مختلف الفئات العمرية التي تعيش في كل مجتمع سواءا كانت صغيرة أو كبيرة.