نبذ التعبية - الأستاذ حسن حمادة نموذجًا

الأستاذ حسن آل حمادة
الأستاذ حسن آل حمادة

 

 

 

منذ طفولتي لاسيما في مرحلة المراهقة و المعرفة وهي القطار الذي أحاول أن ألتحق به,في ذلك الوقت المبكر من العمر لم تكن التبعية (الفكرية) جزءًا من تكوين شخصيتي حتى في أبسط الأمور و كنت أصطدم مع الواقع الديني و الاجتماعي بصورة مبكرة بالرغم من قلة الخبرة و المعرفة في الكثير من القضايا و التي جعلتني أتعثر تارة و أجرح نفسي والآخرين تارة أخرى.

في عام 1413 هجرية الموافق 1993 كانت بداية الانفتاح على كل ماهو ديني و بالخصوص ما يتعلق في قضايا المذهبية و ذلك بحكم طبيعة المجتمع الذي أنتمي له.

كانت أول مكتبة أتصفح و أقرأ كتبها هي مكتبة المسجد في شمال قرية سنابس الذي يبعد عن منزلنا ما يقارب 10 دقائق مشيا على الأقدام, و كان تشجيع و اهتمام أبي (رحمه الله) في الذهاب إلى المسجد و الصلاة فيه في ذلك الوقت له من  الأثر الكبير في حياتي الشخصية على المستوى الروحي و الفكري و الاجتماعي بالرغم  من تخفظي على بعض الأمور التي لمستها شخصياً في المسجد.

و كان أول تجربة لي في نشر ما كتبته في ما بعد المرحلة المتوسطة في صحيفة اليوم السعودية, و كنت أدون ما أكتب من أفكار و مشاعر في دفتر خاص أعود له كلما كان هناك شيء جديد.

و كنت حينها أعرض ما أكتب على أخي المربي الفاضل أ. حسين العبيدي ( رحمه الله ) وكذالك المربي الفاضل أ.محمد الجنبي (حفظه الله) و الذي كنت كثيرا ما أستشيرهما فيما أكتب . ومازالت ذاكرتي متوجهة بذكرى جميلة للأستاذ حسين العبيدي رحمه الله  عندما عرضت عليه خاطرة بعنوان سيدتي القطيف فشجعني عليها قائلاً " بداياتك جميلة و بحاجة إلى الاستمرار." 

من المواقف الفكرية التي كانت عاملاً محفزًا على البحث و عدم التسليم المطلق لها عثوري على كتاب في المكتبة كان يتناول موقف رجل دين  من ( مرجعية دينية ) 

أذكر أني لم أتقبل محتوى الكتاب حيث كان يمارس لغة إحادية و إقصائية الطرح و قررت أن أوجه سؤال إلى رجل الدين في مناسبة ما في مجلسه ومعرفة رأيه في محتوى الكتاب و قال لي:
لا أنصحك بالاطلاع على أفكار ( المرجع الديني .....!!! )
حينها كان الصمت يخيم على كياني و الدهشة هي سيدة الموقف, فكان القرار هو البحث عن مسجد آخر!

و كان حينها نقطة انطلاق إلى رحاب أوسع تعيش فيها التعددية الفكرية و إن لم يكن بالمستوى الكبير الذي كنت أبحث عنه.

ومن الشخصيات التي كان لها أثر في التشجيع والانطلاق نحوعالم القراءة :الأستاذ حسن آل حمادة من مدينة القطيف شرق السعودية, و قد زرته قبل سنوات ماضية,,لم يقصر معي في توجيه النصائح في ما يتعلق بالقراءة, ويعد آل حمادة من البارزين و المؤثرين على الساحة القطيفية في خلق حراك ثقافي  في مدينة القطيف فهو صاحب فكرة نادي ( اقرأ كتابك) و غيرها من أفكار تساهم في خلق جيل قارئ.

ما يهمنا هنا أن الأستاذ آل حمادة استطاع الخروج من التحزب مع هذا الفكر أو ذلك الفكر و ذلك من خلال ممارسة فعلية فهو منفتح على اختلاف التيارات و الأطياف الفكرية الدينية و الحداثية على حد سواء و على مستوى الفكر فهو ينشر في مختلف وسائل النشر فظلا عن كتبه القيمة و التي تشكل حافز على القراءة و نشر الحب و السلام والتعددية الفكرية بين الناس كما في كتابه الأخير  (ثقافة البغضاء..

الأمة بين آفاق التعايش وثقافة المحبة) و الذي صدر عن مركز آفاق للدراسات والبحوث.

إستطاع أ.آل حمادة بكل جدارة الخروج من شرنقة التبعية بوقت مبكر بالرغم من تصنيف المجتمع على أنه ينتمي إلى مدرسة فكرية ما, و له الفخر بذلك بالرغم أنه يكره التصنيف بشكل واضح. كان دائما يتميز بما يملك من عقل و قلب جميل,كان شغله الشاغل البحث عن المساحات المشتركة بين مختلف الأيدلوجيات, فتجد على امتداد تاريخه في الكتابة والنشرحتى ما قبل ولادة الإعلام الجديد  (الشبكات الإجتماعية على اختلافها)  يرسخ إلى قناعة أنه يغرف العلم و المعرفة من أي مفكر كائن من كان , و هو القائل" أحب كل من يختلف معي في أفكاري، ويضحكني كثيرًا من يجهد نفسه ليجعلني أسير فكره، ومع ذلك أحبه, فدعونا نختلف بمحبة." و غيرها من الأفكار التي تصب في ذات الاتجاه.

في هذه التدوينة أريد أن أقول إلى الشباب من الجنسين لاسيما هذا الجيل الذي لم يعرف بعد كيف كان الكتاب يعتبر وجوده غريبًا بل أيضا مخيفًا و غير مرغوب به , لاسيما إذ كان كتاب يعري الواقع القبيح سواء كان ذلك الواقع دينيا أو اجتماعيا أو حتى سياسياً, كن كما تريد أن تكون و لا تكن أسيرًا لـ أي سلطة كانت و اجعل من عقلك هو محور حياتك حينما تكون يكون معك.