الأسرار الخمسة للجدال السليم
لا شك أن الجدال السليم الذي يُثير مداميك الوعي ويستفز مكامن الفكر، ضروري وصحي، بل ويستحق أن يؤطر نقاشاتنا ويُثري حواراتنا، الصغيرة والكبيرة، فالجدال بمختلف أشكاله ومستوياته يُمثّل ظاهرة إنسانية وثقافية رائعة، خاصة إذا أحسن استخدامه وتوظيفه، وكان بعيداً عن المماحكات والمناكفات.
كثيرة وثرية هي الأسرار والآداب الخاصة بالجدال السليم والنقاش المُثمر، خاصة تلك التي تُسهم استقامة الحوار وتوجيه النقاش، ولكنني أنتخبت خمسة منها، أجدها الأكثر واقعية وتاثيراً، وهي:
الأول: عدم الإصرار على الانتصار في كل جدال ونقاش، فلا أحد يملك الحق أو القدرة على ذلك، وعقلية/ ثقافة الفوز والخسارة في جدالاتنا ونقاشاتنا هي من تُسقطنا في هاوية الصراعات والخلافات.
الثاني: الجدال المبني على علم ومعرفة والمتكئ على خبرة وتجربة، وليس ذلك الجدال العقيم الواهي أو ذلك النقاش السقيم للتباهي، فالجدال الذي يُقدم المعلومة ويُمسك بالدليل هو الأكثر قيمة وفائدة.
الثالث: ألا يكون الهدف من الجدال والنقاش هو فرض الرأي وقمع الرأي الآخر، بل على العكس تماماً حينما يكون من أجل تبادل الأفكار والقناعات وتقريب وجهات والنظر والمسافات.
الرابع: إلغاء هذه القاعدة البغيضة من قاموس الجدال والنقاش والتي تقول: ”إن لم تكن معي فأنت ضدي“، واستبدالها بقاعدة ”ليس شرطاً أن نكون على وفاق أو تطابق في كل جدال ونقاش“.
الخامس: وهو أقرب إلى النصيحة، وهي تحتاج الى الذكاء والقدرة على ضبط النفس، ولكنها ستمنح صاحبها راحة البال والسلام الداخلي، وهي باختصار شديد: ”لا تدخل في أي جدال“.