من رائحة الجنة
عادةً، لا نعلمُ بوجود ملائكة بيننا إلا برائحة رحيلهم، إلى (ملائكة الدالوة والمنصورة)
دم الشهادة مذ فوق الثرى نضحا
تنفس الصبح بالآفاقِ وانقدحا
جرى على الأرض مسكاً فانتشتْ دِيَمٌ
تصبُ فوق روابي حزننا مرحا
ما سال في التربِ إلا وارتوى مَدَرٌ
إن ضاق بالعوسجِ المسموم أو طفَحا
يصيحُ في الناس: هبُّوا من مضاجعكم
ها أذّن الوعيُ بالأرواح وانفتحا
دم الشهيد وضوء العز متقدٌ
فما تيمّمَ بالإذلال وانبطحا
قد علّم الشـرفَ الموجوعَ لهجتَهُ
وإذْ به من فم (الأحساء) قد صدحا
***
(قابيلُ) بالمكرِ لو غطى جريمتَهُ
فنزفُ (هابيلَ) تحت الأرضِ ما برحا
(غرابُه) طارَ لم يعبأ بسوْأتِهِ
فمن يواري دليلَ الفتْكِ إن فُضِحا؟
ورأسُ (يحيى) بقصـر الظلم مقصلةٌ وإن تشدّقَ جبارٌ به فَرِحا
ونارُ (نمرودَ) لمّا أُتخِمتْ لهباً
فمن ترى باصطلاء النارِ قد لُفِحا؟
وإن تبختر (شمرٌ) بعد فعلته
فسوف يعلمُ أن (الشِمرَ) من ذُبِحا
وإن تملّى بريقَ التِبرِ في يده
فما سوى بسـراب الوهم قد ربحا
جيشُ (ابنُ سعدٍ) يعودُ اليومَ مدَّرعاً طوقَ القذائف، نحو الوردِ قد نزحا
قد روّعوا زينبَ/الأحساءَ، فانتبَهوا بأنهم أيقظوا التنينَ، فاجتنَحا
***
أنادمُ الجرحَ: يا جرحي، ثمانيةٌ
أرقُ من آهة النسـرين لو جُرِحا
هم فتية آمنوا بالحب وارتشفوا روح الحقيقة فاختارتهم قدحا
لقد رأينا بياضَ الوردِ قبلهمُ
لكنه بعدهمْ بالأحمر اتّشحا
لم يعلم القاتلُ المسعورُ رقتَهم
وأنهم لو يمسُّون الأسى انشـرحا
هم أطلقوا للرصاص الفظِّ أغنيةً
ولوّنوا قوس جلاديهمُ قزحا
فكم أضاؤوا الإبا من نورهم فرحاً وكم أحاطوا العِدا من نارهم ترَحا
لأنهم من (حسينٍ) بالدّم انتصـروا ومرغوا في حضيض الإنهزام (لِحى)
نسجتُ من جرحهمْ أكفانَ قافيتي
وجئتُ في بُردة (اللاءاتِ) متَّشِحا
ومن صدى صوتِهم ردَّدتُ منتفضاً: (حسينُ لبيكَ!) حتى فرَّ من نبَحا
وسوف أزرعُ فوقَ الغيمِ نظرتَهمْ حتى إذا أمطرتْ فوقَ النخيل صحا
ليطعمَ الطينَ شيئاً من قداستِهِ
ويُنضجَ العزَّ من سعفاتهِ بلحا
تخِذْتُ من (تربة الأحساء) مسبحةً
لكي أسبّحَ باسم المجد كلَّ ضحى
***