غازي القصيبي... حروفه تتحدث عنه
عندما نتحدث عن الأدب السعودي تحديدا لابد لنا أن نمر على وجه الخصوص بالأديب الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي الذي ولد عام 1940 وفارق الحياة عام 2010 عن عمر يناهز السبعين بعدما أثرى الأدب العربي والسعودي
اشتهر القصيبي كشاعر وروائي وفي الوقت ذاته شغل عددا من المناصب الوزارية والدبلوماسية في المملكة العربية السعودية. تميز الدكتور غازي القصيبي في الشعر والرواية منذ زمن طويل، وككل ناجح ومبدع لاقى صعوبات تمثلت في أن كتاباته أثارت حفيظة البعض وأثارت جدلا في الساحة السعودية وقتها، لهذا السبب منعت بعض كتبه من التداول والبيع داخل المملكة.
كانت كتابات القصيبي الروائية بشكل عام تتميز من وجهة نظري القاصرة بقربها من عدة دوائر أبرزها: المجتمع السعودي والوطن العربي، المرأة والوجدان. كما كانت كذلك تتميز بالخفة والشاعرية والطرافة، وكانت اللمسات الخيالية فيها ناعمة وجميلة...
فبمجرد أن تبدأ برواية من رواياته لا تنفك حتى تطوي الصفحة تتلو الأخرى حتى تصل إلى الصفحة الأخيرة، فتشعر بشيء من الحزن والكثير من التعطش للمزيد والمزيد من تلك الصفحات الفريدة!!
• المجتمع السعودي والوطن العربي في كتابات القصيبي:
معظم مؤلفات الدكتور غازي كانت تتناول المشاكل التي يعاني منها المجتمع السعودي والعربي على السواء. سواء كان ذلك في الماضي أو الحاضر، كما تميز بالعرض الصريح والكوميدي والبعيد عن المجاملات والتلميع الزائف، خصوصا عندما يتعرض للواقع العربي والإسلامي بشكل عام، كظاهرة التغني بالأمجاد السابقة مثلا التي تنتشر بجلاء بيننا نحن ”العربان“. ترجم لنا القصيبي في أدبه اللغة التي تكمن في الروح والوجدان العربي إلى لغة الأدب الكاريكاتوري الجذاب بشكل قل مثيله وندر عند الأدباء السعوديين الآخرين فهو من أساتذة الأدب الساخر. يجمع في كتاباته بين المتعة والكوميديا والتسلسل المشوق للأحداث والفائدة للقارئ، وقلمه لسان شعبي يتكلم من قلب الحدث ومن واقع تجربة عايشها في نشأته، وهي باعتقادي ما أضاف هذا الرونق الفريد والرائع على كتاباته الأدبية.
• المرأة والوجدان في كتابات القصيبي:
مثلت المرأة في كتابات القصيبي جانبا مهما وركيزة أساسية في أدبه، والمرأة في أدبه هي الجانب الرومانسي الأكبر. كما برزت التجارب العاطفية الناجحة والفاشلة منها كمرحلة مهمة في حياة معظم الشخصيات والأبطال في رواياته وقصصه الذين كنا ننظر فيهم إلى شخص غازي القصيبي ذاته. يحرك القصيبي شعلة من المشاعر وقنبلة من الشعور الراقي في نفس القارئ عندما يراه يجمع بين عبق الماضي وحداثة الحاضر بين طيّات تلك الصفحات.
بعيدا عن كتابات القصيبي كان قد عرف بأسلوبه الإداري المتميز والفريد من نوعه، إذ كان مثالا يحتذى في التفاني والإخلاص في العمل كما اشتهر بين جميع من حوله. وقد دوّن تجربته الإدارية في كتابه الشهير «حياة في الإدارة» الذي يحكي سيرته الشخصية وتدرجه في العمل الوزاري والدبلوماسي. وبفقدان الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي خسر المجتمع السعودي قامة أدبية شامخة وقلما رشيقا عظيما!! لم يعرف غير تشويق قرائه وإلهامهم بإبداعه في وصف الواقع بصور أكثر من رائعة..